شوكت كمال يكتب: مُفارقة الأحِبَّة

في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك طالعت الفيس بوك لأهنئ أصدقائي بالعيد، فإذا بي تقع عيني على بوست لأحد أصدقائي ينعى فيه شقيقه الأصغر، 45 عامًا، الذى لم يشتك من مرض قبل وفاته بل إنه قضى أول أيام العيد بين أهله وأسرته وكان يحادث أصدقاءه مهنئًا إياهم بتلك المناسبة الكريمة.

لم أصدق عينيّ، واتصلت بأهله؛ فتأكدت من صدق الفاجعة، حيث كان الفقيد مثالًا لإنسان يتصف بصفات عظيمة، ولا أزكي على الله أحدًا، منها بر الوالدين والصدق والأمانة والحرص على صلاة الجماعة والإخلاص في العمل، كما أنه كان شخصًا يضاحك أهله وأصدقاءه ومحبيه.

حزنت كثيرًا، ولكنني رددت «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» التي هي كنز من كنوز الجنة، وبدأت أسترجع بعض اللحظات التي جمعتني بالفقيد وأتذكره وهو يبتسم، وفي غيرها وهو يخفف عني في أكثر المواقف إيلامًا حين فقدت والدي، رحمه الله.

لا أخفيكم سرًّا أنني شعرت بتفاهة الدنيا وأنها حقًّا لا تستحق منا أن نحارب من أجلها بل يجب أن نحارب من أجل الآخرة التي هى خير وأبقى، فكما قال لي زوج شقيقته «اتخطف من بيننا»؛ لذا يجب ألا نضيع حياتنا وأوقاتنا في الخلافات والشقاقات بل نستثمرها فى إسعاد أنفسنا بزيارة ومحادثة الأقارب والأصدقاء والأحباب، وإذا كان هناك خلاف بيننا وبين أحد من الناس فلنبدأ بالسلام «وخيرهما من يبدأ بالسلام».

من المعلوم أننا إذا أردنا أن نسافر بالقطار أو الطائرة يكون موعد ومكان الرحلة محدديْن من حيث الإقلاع والوصول، إلا أننا فى رحلة الحياة والموت لا نعلم شيئًا عن ذلك، فنحن حين نتزوج لا نعلم متى يرزقنا الله بالأولاد؛ هل بعد ستة أشهر أم تسعة أم غير ذلك أم أن الله قدر لنا شيئًا آخر، وكذلك الموت لا ندري متى نموت ولا أين «اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، «وَما تَدْرِي نَفْسٌ بأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ». ويقول الشاعر: كلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ .. والْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وقد ردد سيدنا أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، هذا البيت، حين أصابته الحمى بالمدينة حين هاجر إليها.

وأخيرًا وليس آخرًا يجب أن نحرص على بذل الخير؛ حتى نلقى الله وهو راضٍ عنا، وكي يتذكرنا الناس ويدعوا لنا بالرحمة والمغفرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى