المستشار. محمد سيد أحمد يكتب.. في حق الملكية

حق الملكية هو من الحقوق الأساسية التي تتميز بخصائص جوهرية:
- حق جامع مانع: يخول هذا الحق المالك وحده الانتفاع بالعين، واستغلالها، والتصرف فيها بشكل كامل، ويمنع أي تدخل من الغير في ملكيته.
- دائم لا يسقط لعدم الاستعمال: يبقى حق الملكية قائماً مهما طالت مدة عدم الاستعمال، ولا يسقط بالتقادم إلا في حالة واحدة: أن يكتسبه خصم بـحيازة قائمة على الشروط القانونية للحيازة المكسبة للملكية.
قرينة “التكليف باسمه” في إثبات الملكية العقارية
يُعتبر تكليف العقار باسم شخص ما – حتى لو لم يكن هناك سند تمليك مُعد مسبقاً – قرينة قضائية على الملكية. تستمر هذه القرينة قائمة إلى أن يتم دحضها بقرينة أقوى منها، مثل تسجيل رسمي للعقار أو وجود عقد بيع لاحق ومسجل.
عدم سقوط الملكية بالتسامح في الاستعمال
إن مجرد قبول المالك بأن يستخدم أهل القرية عقاره “مضيفة” لهم في مناسباتهم، رغم طول فترة هذا الاستعمال، لا يترتب عليه سقوط ملكيته. فـالاستخدام السماحي الذي يتم “بغير عقد رسمي” لا يجيز نزع حق من كُلف العقار باسمه. ولا بد للمحكمة من تحقيق دعوى “التثبيت خلفاً” ومراعاة قرينة التكليف عند الفصل في النزاع.
حكم محكمة النقض
في هذا الحكم، نقضت محكمة النقض قرار محكمة الاستئناف القاضي برفض دعوى الطاعنين في تثبيت ملكيتهم للعقار، والتي كانت مسنودة إلى “تكليف” مورثهم باسمه. وجاء قرار النقض للأسباب الآتية:
1. طبيعة حق الملكية
- حق الملكية “جامع مانع” يخول صاحبه وحده الانتفاع بالعين واستغلالها والتصرف فيها، ولا يسقط بانقضاء الزمن أو لعدم الاستعمال.
- يظل حق الملكية قائماً ولا يسقط ما لم يكسب الغاصب الملكية بـ”حيازة مكسبة” مستوفية لشروطها القانونية.
2. قرينة “التكليف” في إثبات الملكية
- تكليف المصلحة العقارية للعقار باسم شخص يُعد قرينة قضائية على أن من كُلف باسمه هو المالك، إلى أن تدحض هذه القرينة بقرينة أقوى منها.
- هذا التكليف وحده يكفي لإثبات الملكية، ما لم يقدم من ينازع دليلاً أو قرينة تثبت انتقال الملكية لغيره.
3. خطأ محكمة الموضوع في إغفال الأدلة
- قضت محكمتا أول درجة والاستئناف بأن “استعمال سكان النجع للعقار مضيفة” (على سبيل الكرم أو الاستعانة الأولى) يُعد تنازلاً عن حق الملكية الأصلية.
- إلا أن هذا “الاستعمال” هو في حقيقته تعامل سماحي لا يرقى إلى “حيازة مكسبة” تسقط ملكية المالك الأصلي أو من كلف العقار باسمه.
- وبذلك، أخطأت المحكمتان في الاستدلال، إذ أغفلتا قرينة التكليف التي تثبت حق الطاعنين، واعتبرتا الملكية متروكة لطائفة النجع.
النتيجة: نقض قرار محكمة الاستئناف، وإحالة الدعوى لإعادة البحث في ملكية الطاعنين استناداً إلى قرينة التكليف وحقهم، مع إلزام الخاسرين بالمصروفات.