السيد الجمل يكتب: “أبن طاحون يفقد الأمل فى البحث عن عمل “

يُحكى أن المطحون بن طاحون ذهب للبحث عن عمل وكان كله أمل ، وكانت الشمس محرقة وأنفاسه مُرهِقة ، يسير وقت الظهيرة ووجهه مٌحمر كالفطيرة ، وكان يتصبب عرقاً وجلده حُرق حرقاً ، فوجد ظل شجرة ليستريح وجاءته نسمة ريح ، فأخذ يُلملم أوراقه المُبعثرة ، فأشتم ريحاً مُعطرة ، تحمل فى طياتها ريح المجارى المُتفجرة ، فكان يجلس على ترعةِ القنطرة ، فهم بإلتقاط أنفاسه ، وقد حبست الحرارة إحساسه ،
ولم يتحمل رائحة المجارى فقفز مسرعاً جارِ، وسار فى وسط الطريق وأخذ يمشي كالبطريق ، فقد تسلخت فخاده وتوقف عن النبض فؤاده ، وإذا بالمطحون بن طاحون يفقد ألامل ،فى البحث عن العمل ، ويبحث فى جيوبه عن المال ،فأفتكر أنه نسي محفظته فى كشك عبدالعال ، ويريد المطحون المرواح ،ولكن المال قد راح ، ووجد رجلاً كبيراً كان لسانه شديد البذاءه ،كأنه يلبس فى لسانه حذاءه ، وقلبه أشد بياضاً من ورقة البفرة ، التى يحملها فى جيبه بكثرة ، لتضبط له المزاج ،ويستطيع السواقة دون أعوجاج ، وما أروعه وهو يركب سيارته الربع نقل الفارههَ ، والتى لا تعمل الا بأولو القوة من الرجال لدفعها ،
وعند سيرها تُخرج غباراً كالفحم فى القِدر ، إذا استنشقته أصبحت من مرتادى مستشفى الصدر، وأبن طاحون يجلس بجواره مرعوباً ، خوفا أن يكون السائق مطلوباً ، فإبن طاحون خائف بجنون ، وإذا بكمين فى الطريق فأحس السائق بالضيق ، فرمى ورق البفرة من الشباك ، وأبن طاحون ينظر بلا حِراك ، فالسائق فى الأكمنة بارع ، يعلم مداخل الشوارع ، فدخل من شارع مُظلم ، وشعر أبن طاحون بوجع مُؤلم ، فالشارع كله مطبات والسيارة بدون سوست أو مسكات ، فكان السائق يجلس على كرتونه وأبن طاحون جوانبه تعصرت كالمونه، فالسيارة بلا كراسي كانت تسير من حلوان لمراسي ، السيارة مزالت فى عَمره ولعن ابن طاحون عم سمره ، على التوصيلة الهباب وأسمعه مالذ وطاب من السُباب ، ورجع أبن طاحون إلى بيته دون عمل وأخذ يشرب من الماء كالجمل ، فاليوم حقا كان طويل العناء ،
ولم يشرب حتى جرعة ماء ، فقد ضاعت المحفظة بالمال وذادت همومه كالجبال ، وشكى المطحون حاله لأمه هل أنا مَعيب ، فقالت يابنى أصبر فالفرج قريب ، والدنيا هتتعدل والاحوال ديما تتبدل ، فأنظر إلى عمك مصباح ،كان فقير فلاح ، وحياته كلها عناء ومع الصبر أصبح من الأغنياء ، فأصبر ستجنى ثمرة صبرك ، فهذا وعد ربك ،وننتظر مغامرة جديدة لعلها تنتهى بنهاية سعيدة…