محمد مطر يكتب: سلامًا لكم ما نسيناكم
يجيء في خاطري أحيانًا أنه لا معنى لأي شيء، فتؤل حياتي إلى الركون، أتنفس، آكل، أشرب، أنام، أعمل، أكتب، وأبث بين السطور ما أعتبره الأمر الصادق، وأتساءل عن معنى الحياة عامة على هذا الكوكب الصغير المسمى الأرض.
الشيء المخيف في ذلك الحين أنني أحس بأنني لست حيًا تمامًا، ولا ميتًا تمامًا، جثة متحركة لا علاقة لها بدنيا الأحياء على وجه الحقيقة، وكلما تلفت حولي يرتد إليَّ البصر حسيرًا، مما يرى ويسمع، طبقات مجتمعية كاملة دهسها الفقر والقحط.
رجل بسيط، من عمق الألم يسأل ربه، وكأنه كلما كان الألم أعمق كان الله أقرب، رباه… كيف أعيش وأنا عامل مسكين في هذه الأيام؟ ثم يبكي لله محترقًا من شدة عبث هذا الشعور به.
يمضي اليوم تلو اليوم، والشهر تلو الشهر، والسنة تلو السنة، وما تزال الحروب بين البشر مستعرة، ولا ناقة لنا ولا جمل فيها، إلا حرب الأسعار التي تلتهمنا، ولا ينطفيء لهيبها.
بؤس تتعدد ألوانه، وتتشكل صوره، وتتراكم آثاره علينا…
وبصوت جهور، رباه… لما حكمت علينا في غيبك قبل أن نأتي ومن بعد ما جئت بنا إلى هذه الدنيا بما نحن فيه من عذاب؟ ويبكي لله محترقًا من شدة عبث هذا الشعور به.
أتريد منَّا أن نركن إلى مسكنات الأئمة الذين يحدثوننا عن ثواب الصبر على البلاء والرضا بالقضاء؟ ولا يجهرن في وجه مسببو الفقر والقحط بقولة حق!!!
أم تريد أن نستكين إلى وعود السياسيين وحديثهم الزائف عن غد آت أجمل؟ ويمر العمر في مُر وما حان اللقاء بالغد الأجمل!!!
أم تريد أن ننصت إلى الأدباء والفلاسفة الذين يكتبون عن حكمة الله الغائبة عن أمثالنا من الجهلاء، وعن بصيرتنا، ولا تدركها الأبصار؟!!!
إنني لا أعلم ماذا أفعل؟
إنها لحظات تفيض فيها النفس بالألم، إنها دمعة جائع، وصرخة مستغيث، تخرج من كهف مظلم داخل أغوار النفس البشرية، سُلبت نعمة الشعور بمعنى الحياة عامة، إنها أرواح تحتضر.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…