محمد مطر يكتب: مبعوث الشيطان
بدأت حياتي معتقدًا أن رقي الإنسان وشرفه وحيثية وجوده رهن ما يحصله من معرفة تجعل لحياته معنى، فيبتسم ويرقص ويغني ويحب ويتأقلم.
إلى أن استيقظت من غفلتي على دمعة عين حائرة من أي اتجاه تنزل، أرشدني مبعوث الشيطان إلى أن اتجاه الشمال أيسر، وهكذا تسير كل الأمور ها هنا…
لقد أراد أن يرغمني على اعتقاد سيء، أنا غير مقتنع به، لأنه سهل، ولأنني في ذلك الوقت لم أكن أملك خيارات عمل أخرى، فدخلت في ورطة نفسية لا يمكن البوح بها حينها…
ثمة أشياء كثيرة اكتشفتها في منتصف العمر، كان يمكنها في وقت ما تغيير مسار الحياة…
لحظة خوف من فقد عمل بعد سنين عددًا من التفاني والإخلاص والإتقان، كونك صحفيًا هذا هو نصيبك في الحياة، وأن تنقذ نصيبك من خلال اتباع إملاءات مبعوث الشيطان فهذا هو قرارك في الحياة…
كل هذا أحدث نشوة سلبية بداخلي، وتسلل في وقت متأخر من الليل إمكانية الاستغناء عن العمل، إحساس مرعب، إنك تبدد حياتك، ليس أنت فقط، بل كل من هو في رقبتك، ويقتات من هذه المهنة، كان اعتقادي الراسخ عن نفسي أن وجودي في الحياة لالا يمكن حصره في عمل ما أو علاقة ما، إنني لست عبدًا لوظيفة، إنني أكبر من ذلك بكثير، ولست أسيرًا تحت أي مسمى لأحد ما.
لقد تخليت عن هذه الرؤية، بنفس الطريقة التي استغنيت بها عن عملي كصحفي. إننا نغلق خيارات الحرية في وجه أنفسنا باعتقادات سيئة، يمررها لنا مبعوث الشيطان أيًا كان مسماه الوظيفي، مما يجعلك في علاقة غير سعيدة…
إننا أكبر من أن نتمسك بمعان فارغة ثبت زيف مدعيها…
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…