إشتيوي الجدي يكتب: رجال خلّدهم التاريخ
دبلوماسي ليبي سابق
الذكرى المائة لمعركة وادي دينار(بني وليد) 1923/12/27
في اليوم السابع والعشرين من شهر الكانون (ديسمبر) 1923، واجهت قبائل ورفلة بني وليد جيش ايطاليا الفاشية الذي هاجم منطقة بني وليد من أربع محاور بقوة قوامها حوالي خمسة عشرة الف جندي، مسلحة بالمدفعية والعربات المدرعة الرشاشة والبنادق الآلية، ومساندة طائرات الإستطلاع.
في ذلك اليوم كان العشرات من أهلي “سهول تلمات” رفقة مئات المجاهدين من مختلف قبائل ورفلة بني وليد متمركزون في ” محور وادي أم قراوة – وادي دينار ” لملاقاة جيش ايطاليا الفاشية، وشهد الواديان معركة طاحنة بين المجاهدين والجنود الإيطاليين استمرت إلى ماقبل وقت العصر، وأبلى المجاهدين بلاءً عظيماً وكبدوا قوات العدو خسائر فادحة، فقد استبسل المجاهدون واستحضروا معيّة الله، وقاتلوا وهم يعلمون أنهم أقل عدة وسلاحاً لكنهم كانوا أكثر إيماناً وعقيدة لأنهم يدافعون عن الدين والأرض والعرض، فانطلقوا بصدورهم العارية يواجهون آلة القتل والتدمير، وتصدوا للمستعمر الإيطالي بإيمانهم وثقتهم بأنهم أصحاب الحق والوطن.
ففي هذه المعركة الشهيرة سطّر الأجداد والأباء مجداً وعزة ودرس في الوطنية والفداء حيث استشهد وجُرح العشرات من المجاهدين الشرفاء، وقد كان نصيب أهلي ” ستة شهداء وثلاثة جرحى ” هم: جدّي ( والد أمي رحمها الله) المجاهد الشهيد عبدالرحيم محمود حامد السهولي ومعه خمسة من عائلته ، هم : أخويه (ابوطبل والزرقاني وابنيهما امبارك وسالم) وابن اخته محمد المبروك ابراهيم السهولي. والجرحى الثلاثة بينهم ، ابنه (خالي المجاهد المرحوم عمر عبدالرحيم محمود حامد السهولي). وأثنان من مجاهدي ( عائلتي آل الجدي) وهما المجاهد الشيخ الفقيه المرحوم عيسى علي الجدي (شقيق جدّي المجاهد الشهيد الشيخ محمد علي الجدي) و المجاهد الشيخ المرحوم علي محمد علي الجدي (عمّي شقيق والدي رحمه الله) إضافة إلى أصغرهم عمّي المجاهد المبروك محمد الجدي (لم يصب بأذى في هذه المعركة).
تحية الإجلال والإكبار والسلام لأرواح أجدادنا وابائنا الأبرار الذين بهم نهتدي على درب التضحية والفداء والانتصار للدين والوطن. ولله الفضل والمنّة أن شرّفني بانتمائي لقبيلة وأهل وعائلة وطنية مجاهدة ، وأن وفقني إلى السير على خطى أهلي الشهداء والمجاهدين وكتب لي خوض معركة الجهاد في مواجهة عدوان حلف الناتو واتباعه على ليبيا سنة 2011.
اليوم ونحن نُحيي الذكرى المائة لمعركة ( وادي دينار) نستذكر بكل فخر وكبرياء هذه المحطة الخالدة في تاريخ ليبيا، ونستعيد ملاحم عزة وفخار لتبقى ماثلة في ذاكرتنا وحافزاً لمزيد التضحية والفداء في سبيل نصرة الدين والوطن.
ونجدد العهد بأن نسير على درب الشهداء والمجاهدين الذي أناروه بطهر دمائهم الزكية، مصممين على استنهاض الهمم لتطهير ليبيا من الخونة عملاء المستعمر القديم الجديد، وتخليصها من براثن الهيمنة الأجنبية واستعادة السيادة الوطنية كاملة غير منقوصة، فلا تنازل عن الحقوق و لا تفريط بالمبادئ.
اللهم نسألك الجنة التي وعدت للشهداء والمجاهدين إنك لا تخلف الميعاد.