مَوعِد مَع السَعادة

بقلم/ نور القاضي

كثيراً ما نبحث ونسعى في حياتنا للوصول لمفهوم (السعادة) ونظل طوال حياتنا نحاول جاهدين في البحث عنها والوصول إليها؛ فَمِنَّا من يوفق في ايجادها ومِنَّا من لم يتمكن من العيش في معانيها.
ودائما كان السؤال (كيف تتحقق السعادة؟!) و(اين نجدها؟!)؛ أهى في المال؟ أم هي في (النفوذ) و(السلطة)؟ اهي في (هناء البال) أم في(الصحة) أم فى أى (نعمة من نعم الله علينا)؟

مما لا شك فيه أن كل نعمة من نعم الله (سُبحانه وتعالى) علينا هي نوع من (السعادة) بالتأكيد؛ ولكني وجدت أن مفهوم (السعادة) يتجسد فى (الراحة)؛ فحينما يصل الإنسان لمعنى (الراحة) فهنالك بالتأكيد تتجسد (السعادة). (فالراحة) لها أشكال كثيرة ولكنها بكل أشكالها تقودك للسعادة؛ فيمكن ان تجدها في شكل (راحة البال) يقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): من بات آمنا في سربه؛ امنا في بدنه؛ عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأى (سعادة) و(راحة) يمكن أن تصل إليها اكثر من ذلك؛ فعندما تجتمع (راحة البال) وهدوء النفس وسلامها الداخلي تواجدت(السعادة) بالطبع.

 

ولقد أنعم الله (سبحانه وتعالى) بتكريمه للإنسان في الأرض وتنعيمه فذلل لنا كل سبل ووسائل الراحة لتؤدى بنا حتما لطريق (السعادة)؛ فمن حق نفسك عليك أن تبحث عن معنى (السعادة) إمتثالا وتطبيقا لإرادة الخالق (عز وجل)؛ فنحن لم نأتى للدنيا لنحزن ونحمل على نفسنا ونحملها اكثر من طاقتها ونتحمل ما لا نطيق؛ فقد وضع لنا ديننا الحنيف أسس وقواعد للتعامل مع الآخرين للوصول لمعنى (الراحة) فى العلاقات؛ فإذا لم تكن هذه (الراحه) موجودة فلماذا نُرهق
أنفسنا ونجبرها على تقبل ما لا تطيق؛ فإما (البقاء) أو (الفراق)؛ البقاء في محيط ومناخ يساعدك على (الراحة) ومن ثم (السعادة) أو (الفراق) لما لا نستطيع عليه صَبْرَاً ولا نستطيع تحمله وتقبله.

فالمرآه التى تظهر عيوبك لا تنظر إليها؛ ما مر بك من ألم ووجع لا تتذكره؛ الشخص الغير مريح ومرهق في كل تعاملاته تجنبه؛ من لا يعطيك اهتمامه لا تراه؛ فأنت المسئول الأول عن سعادتك (فَلتَرِح نفسك).
ووجدت أكثر ما يشدنا ويجذبنا للطرف الآخر هي (الراحة) و(القبول) وتلك النعم هي هبات من يمنحها الله (سبحانه وتعالى) لأشخاص معينة داخلهم أجمل معانى الراحة والطمأنينة التى يهدوها للآخرين لإنها تنبع اصلا من داخلهم؛ هؤلاء من نسعد بالقرب منهم والحديث إليهم ونجد (الراحة) فِى وجودهم؛ فلا نحتاج لبذل الجهد لكى نشرح أفكارنا ولا نحتاج لتبرير أفعالنا لأنهم يدركون ويشعرون ما لا ننطق به؛ فنجد معهم مانبحث عنه وهي (الراحة) وهنالك نجد (السعادة) بالتأكيد فنشعر (بالراحة) تجاههم ولا نعرف سبب هذا الشعور سوى أن الله حباهم نعمة (القبول) و(الراحة) لكل من حولهم.

ونجد ان أقصى وأعظم درجات (السعادة) و(الراحة) والسلام والطمأنينة وأيضا كل المعانى السامية في قربنا من الله (عز وجل) فعندما تكون في معية الله تتواجد كل معاني (السعادة والراحة) وقال المولى سبحانه وتعالى (ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ) (آيه 28 سورة الرعد) فلا نجد راحة وطمأنينة فى شىء أكثر من ذكرنا لله؛ قال الحبيب (صّ): (ما إجتمع قوم فى بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وحفظتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) صدق رسول الله؛ وقال الله تعالى فى كتابه العزيز (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ…) (آية رقم 4سورة الفتح). ففى رحاب الله تُملَىء قلوبنا بالراحة والسلام والطمأنينة والسعادة فنحن في معية الله خالق كل شىء وخالق(السعادة).

وبما أننا وصلنا إلى أن (السعادة) و(الراحة) معنى واحد إنقسم في جزئين؛ وأن السعادة والراحة وجهّان لعُملة واحدة فعليك-عزيزى القارىء -إيجادها والبحث عنها وإهدائها لنفسك أولاً فعندما تَهديها لنفسك بإمكانك منحها للآخرين فتصل إلى سعادة مضاعفة فأنت أجدر من يستحق السعادة والراحة.
وفي النهاية أدعو الله أن يوفقكم الله لكل سبل الخير وأن يرزقكم السعادة في قلوبكم فى الدنيا والآخرة وأن يُجمل أقداركم ويَهديكم كل طرق السعادة والراحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى