” عن التناقض وازدواجية المعايير وعني وعنكم  “

بقلم حذيفة عرفات

كبداية لا يوجد افضل منها يقول الله عز وجل ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم  وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )

استاذنا مصطفي محمود بيقول ان ( الانسان هو معجزة التناقضات )

عالم الاجتماع والمؤرخ العظيم د/ علي الوردي كتب ذات مرة ( الناس يحبون الحق بأقوالهم ويكرهونه بأفعالهم)

ما أريد قوله بعيدا عن الاطناب والاسهاب أن التناقضات وازدواجية المعايير أحد أمراض العصر المنتشرة ملئ محيط نظرنا ووسع دوائر حياتنا , دعنا نذكر منها ما يملأ السطور المسموح بها لي في هذا المقال ..

–  يعتلي أحدهم منبره مُرتدياً عمامته آمراً إيانا بطاعة أُولي الأمر مُستدلا علي هذا بكل الآيات المُحكمات ويُنهي خطبته بدعائه اللهم انصر اخواننا المسلمين المستضعفين في الشيشان علي روسيا ، علماً بأن أولي الأمر الذين يأمرنا باتباعهم مواليين لروسيا قلبا وقالبا ..

– مُنذ بضعة أشهر مُديري في العمل كان قد إحتد معي في النقاش لأني اخبرته بأن أحد العمال يريد أن يأخذ من رصيد إجازاته أسبوع للتنزه مع عائلته في جمصه ، فانفعل قائلاً بأن الرفاهية ليست للجميع وبأن هذا ليس وقتها ، قال هذا بينما يُداعب مفتاح عربته باهظة الثمن وفي نهاية اليوم أخبرني أنه يسعي لإنهاء أوراقه الخاصة بقضاء عُطلته في لندن ..

–  الأربعينة التي تُجاورني في عربة المترو وبعد أن أعطتنا درس في إنعدام الأخلاق لأن أحداً لم يقم من مقعده من أجلها ، كانت تتحدث في هاتفها بكل ما هو سئ عن جارتها وعلي الهامش قالت ” دي بتلبس جزم مقاس اتنين واربعين ، ومبتلاقيش مقاسها غير في الرجالي ” ..

– صديق يحكي لي أن والدته رفضت زواجه من أرمله لأسباب معروفه لجميعنا ،  رغم أنها تتمتم بعد كل صلاة بالدعاء لإبنتها المُطلقة أن يرزقها الله بزيجة أفضل تؤمن مستقبلها ..

– سائق الميكروباص يشكو لي ما آلت إليه الأخلاق بسبب سائقي التوكتوك وأفلام السُبكي وأغاني المهرجانات غير الهادفة ، هذا بينما كان ينبعث من هاتفه صوت يقول ” سجنوو حبيبي يابا وعملوني عليه سجّان ” ..

– القابع بجواري في إحدى المطاعم وبينما يُشعل سيجارته الثالثة على التولي ، كان يأمر ولده أن يأكل بيمينه لأنها سُنه ..

– صاحبة الصوت الحاني أنغام تطُل علينا في أحد  البوماتها بأغنيتين الأولى تحمل عنوان ” بكره الموسيقي ”  والأخري ” بحب أغني ” : D

– والدك الذي دوما يكره الكذب وينصحك بالابتعاد عنه هو بذاته الذي قال لك مرات ( لو حد سأل قوله بابا مش موجود) , بالمناسبة ازدواجية المعايير والتناقض في التربية يحتاج الى مجلدات..

– علي الهامش فمن بديهيات ازدواجية المعايير إن النكتة دايما بتضحكك طول ما هي مش عليك , كلنا مش هنتجوز صالونات بس رأينا معروف في كل البنات المرتبطات دون اطار شرعي , كلنا هنجزم بعدم الوقوع في خطأ ما حتي نقف امام شهواتنا  , وبالطبع كلنا باريين بأهالينا لحد ما الكلام يبقي مش علي هوانا , وكلنا أيضا بننادي بالمساواه بين الجميع بس كلنا شايفين نفسنا أولى وأحسن الموجودين , حتي المقال ده لغته ركيكه جدا بس انا شايفه عظيم !

 

نذار قباني كان كتب :

فتقبلي عشقي علي علاتي , وتقبلي مللي وذبذبتي وسوء تصرفاتي , فأنا كماء البحر في مدي وفي جذري وعمق تحولاتي , ان التناقض في دمي وأنا أحب تناقضاتي ..

ففي النهاية  المجتمع مليء بازدواجية المعايير وكل أشكال التحيز العرقي والديني والجنسي ،  كلٌ يحمل بين طياته الخير والشر ، المحبة والكراهية ، الملاك الواعظ والشيطان العاصي ، الآمر بالمعروف والمُحرض علي المُنكر ، وما  يشفع لنا هو ما قاله أحدهم ” ان اقوالنا ما نريده ونسعي اليه وأفعالنا هي طاقتنا وقدرتنا علي التنفيذ ”

والان , عليك فقط أن تبحث عن ازدواجيتك الخاصة وتُعالجها  وأن تتوقف عن الكيل بمكيالين وأن تحاول جاهدا بأن تقف علي الحياد ” قدر المستطاع ” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى