“نهاية العالم الا عشر دقائق “

بقلم / حذيفة عرفات

بينما عرق الصّيف يُغطي جَبهتي ويَجعل الرُؤيه شِبه ضبابيِّه ,أَنظُر في ساعتى , ما هذا؟!!

الساعة الآن تُشير إلى نهاية العالم إلا عشر دقائق .. !

أَستجمِع قُواىْ , أجمع شتات زِهنى , وأحاول عَبَثا أن أُرَتِب أولوياتى..

-أريد أن اُقبل يد أمى وأرجوها أن تغفر تقصيري وبكل أسف يفصلنى عنها ساعتين سفر وطريق إسكندريه الزراعى وسخافة الطريق الدائري وأشياء أخري ..

-أتَذكر قبر أبي الذي اجلت زيارته مُنذ شهرين أو أكثر, لا بأس يا أبي مُتبقي غشر دقائق وسنلتقى عما قريب ..

-الكتب المهمله علي ارفف مكتبتي لن تتاح لي الفرصه للتطلع في صفحاتها ..

-ايات الذكر الحكيم والتي نسيت ما كنت احفظه منها لن تكون هناك فرصه لاسترجاعها ..

-المواجهات التي اجلتها ستؤجل للما لا نهايه والمشاعر التي اخفيتها ستظل في الخفاء ..

تجول بِخاطرى فكره فأتحسس جيْبي واُخرج هاتفى وأسجل رقم أمى ثم أحاول الإتصال بها فيأتينى

على الطرف الآخر جمله غير معتاده “الرقم المطلوب مغلق أو غير مُتاح , لا تُحاول الإتصال في وقت لاحق , فات الأوان وقُضيَ الأمر ”

أتفحص بعنايه سجل المُكالمات الفائته التى لم تجد من يُجيبها

– مكالمه من صديق مُؤجله مُنذ ايام كان من المفترض أن يترتب علي إثرها لقاء تم تسويفُه مُنذ شهور..

– أخرى من شخص ما كان يوماً صديق قبل المشاحنات والخلافات , وصار بيننا كراهيّه أسبابُها منسيّه ..

– ورساله أُخرى أخيره تحمل رقم غير مسجل بإسم ,لكنه مُسجل فى ذاكرتى باُنثي لا تُنسي , أحبّتنى حتى النُخاع وخذلتها حدّ الخيانه ..

سريعا يدور فى عقلي كُل اللقاءات المُؤَجله والنقاشات المفتوحه والقصائِد الغير مُكتمله والرسائل التى لم تُرسل وكل الصلوات التى لم أؤديها والمرات القادمه المُنتظره والمّرات الأخيره المُنتهيه ..

أتذكر لقاءات أخيره لم يكن طرفها الآخر أشخاص ,, أتذكر مثلا لقائي الأخير مع أحلامى المُتمثله فى مستقبل أرقى عند الأصطدام بالواقع القبيح , ولقاءاتى الأخيره مع الشوارع والبيوت و…إلخ !

سأفتقد أشياء كثيره علي سبيل المثال سأفتقد إنعكاس وجهى ف المرآه وسافتقد أكواب القهوه الصباحيه , محادثاتى مع الرِفقه , صوت أمى , ليالي وسط البلد , وغداء يوم الجُمعه وبالطبع أشياء أخري …

صوت هانى الدقائق الرخيم جدا يُصب فى أذنى دندناته * لو كنت بس ساعتها عارف إن دى المره الأخيره ميه ميه كانت هتفرق ف الوداع * ولا أعلم مصدرهذا الصوت ..

الحسره .. الحسره والأسف وكل الألفاظ التى تعبر عن الندم , رغم كونها لا تُسمن ولا تُغنى من جوع , فيارب أجلنى إلى أجل قريب , أضغاثُ أحلام ولا سبيل لِتحقيقها…

يُنادى منادى بصوتٍ جَهور ” قُضىَ الأمر وأنتهى “ويكرر ” قُضىَ الأمر وأنتهى العالم ”

ويكرر بصوت أعلى ” الأستاذ اللي نايم ومدفعش ورا , مش طالعين رحله إحنا ” !!

أفيق من سُباتى ..ميكروباص , وطريق مزدحم عن آخره وعَرق الصيف يُغطى جبهتى ويجعل الرؤيه شبه ضبابيه….

أخرج هاتفي أسجل رقم أمى ,, ثم وكالعاده أؤجل الإتصال لحين نزولى من الميكروباص المزدحم …ومازال ف العمر بقيه للقاءات أخيره اُخرى ….

وانت يا عزيزي الاْن حان دورك  فتَش في دواخلك وتنحي بذاتك جانبا وابحث عن اجابه لسؤال مهم , ماذا لو ان الساعه الان تشير الي نهاية العالم الا عشر دقائق ؟ مازالت لديك الفرصه لتصحيح المسار , فرصه لن تدوم طويلا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى