«إنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ»

بقلم/ شوكت كمال

عبارة تبرز الهدف الأساسى لدعوة النبي الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، الذى نحتفل بيوم ميلاده في الثانى عشر من شهر ربيع الأول كل عام، وهو تأصيل مكارم الأخلاق، أي فعل الخير.
وهذا التوجيه النبوي يؤكد ما جاء في قوله تعالى «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، فقد امتدح الله- عز وجل- نبيه بأنه صاحب خلق محمود طيب.

لقد افتُتِن المستشرقون بأخلاق النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وتأثيره فيمن حوله؛ ما جعل كاتبًا كبيرًا يُدعى مايكل هارت يؤلف كتابًا أسماه «الخالدون المائة» يضع فيه اسم النبى على رأس الشخصيات المؤثرة في العالم، وقد جاءت بعده أسماء لشخصيات عظيمة أفادت البشرية مثل موسى وعيسى- عليهما السلام- وإسحاق نيوتن وفولتير وغيرهم.
وقد سُئلت السيدة عائشة- رضي الله عنها- عن أخلاق النبي، فقالت «كان خُلُقُهُ القرآن»، أي أنه يأتمر بما أمر به الله وينتهي عما نهى عنه ويُكثر من ذكر الله واستغفاره والتوبة إليه.
وهذا يدعونا نحن- المسلمين- إلى أن ننهل من أخلاق نبينا؛ حتى تنصلح أحوالنا وينهض مجتمعنا ويعلو شأننا بين الدول والأمم.

فما نراه يحدث في واقعنا يجعلنا نتألم ونتجرع المرارات، حيث نجد مآسي كثيرة من جرائم قتل واغتصاب وانتهاك للحرمات.
لذا يجب علينا أن نربي أنفسنا وأولادنا على الخلق الكريم وأن نتحلى بالصفات الطيبة مثل الصدق والأمانة والإحسان والعفو والتسامح؛ فقد كان النبي- صلوات ربي وسلامه عليه- يُلقب بالصادق الأمين قبل بعثته.
ومن المواقف الخالدة التي تُسجل بأحرف من نور، وكذا سيرته كلها، ذلك الذى حدث عند فتح مكة، وقد كانت القوة والغلبة في أيدى المسلمين، حيث قال النبي الكريم لأهل مكة: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخٍ كريم، فقال النبي: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فدخل الكثير منهم في دين الله، وهذا يعلمنا خلق العفو عند المقدرة وألا نُنكِّل بخصومنا ونذيقهم من صنوف العذاب «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

إن حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- لم تكن طويلة مثل نوح- عليه السلام- الذى عمّر نحو ألف سنة، فقد امتدت حياة الرسول نحو اثنين وستين عامًا (570م-632م) منها أربعون قبل البعثة والباقى منها يحمل رسالة ربه داعيًا إلى الدين الجديد بالحكمة والموعظة الحسنة، ومع هذا العمر الذي لا يُعد طويلًا فإنه ترك في البشرية آثارًا عظيمة ما زالت حديث العلماء ومعينًا لا ينضب لدراسات الباحثين والمستشرقين. الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- لا ينتهي؛ لأنه جاء لنا بالقرآن الكريم خير كتاب وبسنته التى تشرح وتفصل ما لم نفهمه من كتاب الله «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي»، لكننا اليوم تناولنا قطرة من فيض «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».

«لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ».

كل عام وأنتم بخير.

صحفى بـ«المصري اليوم»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى