القيم الاخلاقية بين الانحدار والاندثار !!

بقلم/ السيد الجمل

أشعر وكأن العالم من حولي قد أصبح مليئ بالمشاهد الخيالية، حقا إنه فيلم سينمائي ، الأخ يقتل أخاه ، الابن يضرب أباه ويطرد امه، والام ترمي طفلها، والزوج يحرق زوجته، والأب يغتصب إبنته، وكثر الزنا وقلة البركة، ضاعت الأمانات، وكثرت السرقات، وأصبحت الفاحشة تملئ الطرقات، نواب الشعب يأكلون حقوق الشعب. أصبحت النفوس تعادي بعضها بعضا، الأخ يضرب أخاه للحصول على النصيب الأكبر في الميراث، والابن يحبس امه للحصول على معاشها عنوة وهي التي عادت كل العالم لأجله.

حقا أشعر وكأن بلدتي لم تعد كما كانت فجيل خلف جيل، تنقرض العادات وتضيع الأخلاق، ولا يوقر الصغير الكبير، والقوي يأكل الضعيف واصبحت الحياة كالغابة.

أشعر وكأن قلوب البشر قد تحجرت ولقد ظلمت الحجارة في وصفي، فالحجارة تشعر وتتألم وقلوب البشر أصبحت صلدا يملؤها الصدأ كما وصفها الله عز وجل في سورة البقرة “ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ”.
إن الحياة فيلم مرير حقا فلم أعد أطيق رؤيته، سأكتفي فقط بمشاهد حفرتها بذاكرتي عن ذكرياتي مع طفولتي ويعلمني أبي وأمي اللذين لم يتعلما في الجامعات البشرية، بل تعلموا في الجوامع الربانيه، فكما نشئوا على القيم الحميدة أصبحنا كذلك، حتى غزت عقولنا التكنولوجيا بأسلحتها الفتاكة والتي أخذ يضيع العمر فيها عاما بعد عام حتى نظرت في المرآة فوجدت شعري قد إنتابه المشيب دون أن أدري ودون أن أحقق ولو جزء يسيرمن هدفي. وجدت أبي وقد أنحني ظهره وأمي وقد نال منها العمر ما نال، ولم أستمتع بالجلوس بين أيديهم لانشغالي بالعمل ورغبات الحياة، وجدت المجتمع قد تغير، وجدت المساجد وقد أصبحت شبه فارغة، وجدت القرآن وقد هجره الناس، وجدت الامانه وقد ضاعت، بحثت عن الأخلاق في عيون بعض البشر لم أجد سوي الكره والحقد والكراهية، بحثت عن الله في نفوس الشباب فلم أجده،بحثت عن كلمات القرآن التي كنت أسمعها دوما في الطرقات، فلم أجد الا أغاني المهرجانات وقد حلت محل اذكار الصباح والمساء.

فهل ما زلنا نتسائل عن سبب انتشار فيروس كورونا كالنار في الهشيم ، لو تأملنا لعرفنا سبب وجوده، إننا نسينا الله فأنسانا أنفسنا، حقا إننا نسينا أننا بشر وأصبحت الحيوانات تنأي عن أفعال البشر اليوم. إلا من رحم ربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى