عمر أبو الحسن يكتب: ليلة سُقوط إبليس

يبدأ كل سقوط بنسيان الحقيقة..
عندما تدبرت ما فعله إبليس تلك الليلة وأدى به أن هوى من ربوة المكرمين الى أحراش الملعونين,
وما الذي أختلف بين معصيته التي خُتمت بلعنه أبد الدهر, وما وقع فيه أدم عليه السلام من عصيان لله ايضا؟؟
فوجدت أن الفرق الوحيد بين المعصيتين هي نسيان الحقيقة..

فعندما عصى إبليس ربه ولم يسجد لآدم، نسي إبليس هنا حقيقة أنه عبداً لله وأن عصيانه لأمره تعالي يستوجب الرجوع اللحظي لتلك الحقيقة فور تذكرها, لكنه بدلا من ذلك عمد الى تناسي حقيقة اخرى كانت المنجية له لو كان سليم الصدر صادق الفكر وهى حقيقة أن هذا الإله تعالي هو أرحم الراحمين.

فبدأ السقوط عندما أصر إبليس على تناسي تلك الحقائق, وكفر بأن الله يفعل ما يشاء ويخلق ما يشاء ويفضل من يشاء على من يشاء, فغادر حصن ربه الرحيم قاصداً بغشاوة الكفر والرفض سبيل الغي والضلال المبين.
ولم يتوقف لحظة لينظر خلفه ويستعيد نفسه وحقيقته, حتى حُرم طريق العودة وأصبح من المطرودين.

واستمر السقوط عندما لم يٌحمل إبليس نفسه جزاء عصيانه وفساد قلبه فيٌقيم ما اخطأ فيه ويبكي ما بقي حياً على ذنبه, ويترك أدم وبنيه دون استهداف, لكنه عمد الى قلب الحقيقة مجدداً ليقنع نفسه أن السبب في ما حدث له هو هذا المخلوق الجديد..أدم عليه السلام.
فبداء مرحلة جديدة من سقوطه عندما ناصب إبليس كامل عداءه لأدم وذريته إلى قيام الساعة.

وهنا قاصدٌ الحق يرى جلياً سٌخف هذا الفكر الذي أضل إبليس ليحاسب آدم وبنيه من بعده على جُرم هو أجرمه فى حق عبوديته لله تعالى, فاستحق بذلك مكانته بين شِرار الخلق, فكل شرير يعلم الحق ثم يناصبه العداوة ليثبت فقط أن فكرته هي الأبقى والأصح, غير أن نصر الله لا يكون إلا للحق وإن طالت قعقعات الحرب حينا..ولو مٌد الحينٌ ألفا من السنونا.

أما آدم عليه السلام عندما نسي وعصى واكل من الشجرة, رجع مُسرعاً إلى حصن الحقيقة ذاتها التي فر منها إبليس, فجاءت الأية الكريمة تدل على سلاسة الأحداث لما أخبرتنا عن معصية أدم بأنه وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى*ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى…………نقطة انتهى.
لكن تكبر إبليس ظهر قُبحه لما أعطى لنفسه حق التفضيل, ففضل بهواه النار التي خٌلق منها على هذا المخلوق من تراب وطين, عندها خلع إبليس رداء العبودية لله تعالى والتحف رداء الزيف والكبر فأصبح من الخاسرين.

فكانت النجاة كُل النجاة في التمسك بالحقيقة..التي هَدت آدم وبنوه من بعده إلى سبيل العودة إلى دار السلام وحصن الأمان..
ولفظها إبليس بكبر وعناد فلٌفظَ هو من واحة الرحمّن.. فإستحق عن جدارة أن تكون تلك الليلة هى.. ليلة سقوط إبليس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى