نور القاضي تكتب: كُنوز الفُرص ومَتاهة التردد

“خُلِقَت الفُرص لكي تقتنص على الفور” باولو كويلو

أحياناً تُهدينا الحياة من منحها وهداياها، فيحسن البعض تلقيها وإقتناصها وإستخدامها وقد لا يُحسن الكثيرون تلقيها مُضيعيين على أنفسهم فُرصاً قد لا تتكرر ثانيةً. و إذا بحثت في حياة البعض تجد التأجيل مُتصدر المشهد فى حياتهم، فتجد أشياءاً كثيرة مُؤجلة.. خُطط مُؤجلة، مشاريع مُؤجلة، قرارات مُؤجلة، سعادة مُؤجلة، حياة بأكملها مُؤجلة. تجد فرصاً عظيمة لم تُسْتَغَلّ، فرصاً تأتى وتذهب دون إقتناصها وقد يكون المبرر أنه لم يأتي الوقت المناسب بعد، أو أن لديه ما هو أهم حالياً، ويبدأ التأجيل في الدخول في تفاصيل كُل شىء في حياتنا بل ويصبح جزءاً من حياتنا. ثم نتفاجىء بعد مرور الوقت ونكتشف أن الفرصة تأتى مرة واحدة فقط وفي بعض الأحيان قد لا تأتي ونكتشف أننا ضيعنا على أنفسنا فرصاً لا تُعوض، ولكننا لم نُحسن إغتنامها ولا يتبقى لنا شىء سوى الندم.

وبالتأكيد ان من الرائع إقتناء الفرص ولكن الأروع (خلق الفرص)..  فإن أصحاب العقول العظيمة يجب أن تكون مستعدة دائما ليس لإغتنام الفرص فحسب ولكن لصنعها ايضا “تشارلز كاليب”. فمن الجيد بل من الرائع اذا جاءت لك الفرصة وطرقت بابك واختارتك انت دون عن الآخرين. ولكن لِمَا لم تخلق انت الفرصة بنفسك ولا تنتظرها حتى تأتى.. حتى وان لم يكن الكثير يستطيع فعل ذلك.. فلتكن انت من القليل الذى يستطيع.

والفرص بجميع اشكالها منح عظيمة من الحياة.. فهي قد تأتى فى اشكال كثيرة مثل (موهبة) تمتلكها فعليك تنميتها واستثمارها والعمل على تقويتها والإستفادة منها.. وقد تأتى فى شكل (عمل جديد) مختلف عن مجال عملك فلا يمنعك الخوف من التغيير من اغتنام فرصتك.. وقد تأتى ايضا فى شكل (انسان) تجده نصفك الآخر و تجد راحتك معه وما تبحث عنه ومهما كان شكل الفرصة فلا تحرم نفسك بالتأجيل والتردد فتهرب الفرصة ويحل محلها الندم بعد فوات الأوان.. وكما قال على ابن ابى طالب “الفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير”
ولا أجد شىء اسوأ من التردد فهو يحرمك من كل فرص الحياة.. فما رأيته إلا ضعف وخوف من خوض المغامرة وبالتالى ضياع كل الفرص.

ولكن عليك _عزيزى القارىء _ان تعلم انك في جميع الأحوال أنت المستفيد.. فإذا إقتنصت الفرصة وكان قرارك صحيحاً فإن الحظ يحالفك ومنحتك الحياة فرصة لتسعد وتهنىء.. أما إذا كنت قد تخلصت من ترددك ولكن كان قرارك خاطئاً ولم يحالفك الحظ فأيضاً أنت المستفيد.. فأنت أولاً: قد تجاوزت وتغلبت على ترددك وهذه فى حد ذاتها قوة .. ثانياً :فما كنت لتعرف معنى النجاح إلا بعد تجارب من الفشل. فتجاربنا فى الحياة وتعثرنا وما نمر به هو الذى يعلمنا ويثقل من خبراتنا في الحياة وبالتالى يهدينا الى سبيل النجاح. لنصل في النهاية لهذة النتيجة وهي ان (التردد اكبر عقبة في طريق النجاح) كما قال عمر المختار. فالتردد مقبرة الفرُص! ‏ إن لم تنزل للماء فكيف ستسبح؟ فالتردد والإطالة في التفكير في إتخاذ القرار أو القيام بعمل ما غالباً ما يحول إلى سبباً لابطاله أو لإفشاله.

وفى النهاية عزيزى القارىء نصيحتى لك أن لا تنتظر ولا تتردد ولا تُؤجل، فالفرصة نادراً ما تأتى وإذا أتت فعلينا سرعة إغتنامها ولا ندع التردد ليقتلها.. فلتتخلص من قيود التردد والتأجيل ولا تدع للندم مجالاً فى حياتك فأنت تسطيع فى كل يوم جديد أن تحصل على الفرصة وتنتهزها ففى كل يوم جديد فُرصة جديدة وبداية جديدة لكل شىء فلا تدع للتسويف حيزاً فى حياتك ولتملىء قلبك بالحماسة والإنطلاق
“فالحماسة بُركان ولا تَنبُت على قمته أعشاب التردد” جبران خليل جبران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى