محمد مطر: صرخة روح
في وحشة هذه الدنيا وأيامها الثقال، ترى الروح تحن لا إراديًا إلى آية من آيات السكينة التي خلقها الله في هيئة بشر، علَّ الله أن يفتح من خلالها أبواب رحمته، ومع غيابه المتواصل، إلا أن المدهش في الأمر أن الكثير من آثاره التي لازالت باقية، تربت على كتفك وتخبرك بأن تطمئن، لم يشكو يومًا من سوء الحال، لم يندم على شيء، دائمًا تراه إنسانًا مبتسمًا واثقًا في تدبير الله، يُصغي إلى نفسه، ينفرد بذاته، يحتفظ بهدوء وترتيب فكري في كل مأزق، وهو أمر لو تعلمون عظيم، لا يبالي على ما فاته من حطام الدنيا، على ما رُزق من الحظ في العقل، تراه بطبيعته ودون أدنى جهد منه، دافئ، ودود، محبوب، يطيب التواجد قربَه، ويحلو الحديث معه، كأن روحه تحمل سراً ما، رُبما سلام، هدوء، طمأنينة، رضىٰ، شيءٌ ما يجعلك لا تود مُغادرته، وكانت المغادرة إجبارية، بقضاء الله…
وكلما ذهبت إليه، ينظر إليَّ بعينه التي يملأُها الحنان، ويبتسم ابتسامته التي أعرفها جيدًا ويقول..
هل أتيت لأني أنا أبوك؟
أم لأنك تائه ولا تعرف سوى عنواني؟
أصمت ولا يرى سوى دمع عيني له مُجيبا…
أوتعلمون السبب؟ لأن الثقة قد دُفنت معه.. ولا أستطيع أن أنطق بها.
أو لأنني إن تكلمت لا أنطق إلا بحديثه، وإن سكتُ لا أفكر إلا فيه، أراه في كل سطر وأنا أقلب بين صفحات الكتب، فيأتيني بيت شعر لقائله..
قلوب أهل ودادكم تشتاقكم وإلى لذيذ لقائكم ترتاح…
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…