محمد مطر يكتب: نداء الغائب
في زاوية بركن من أركان الفضاء، جلست كعجوز محنك، قبيل السحر، بعد أن عادت أسراب العصافير إلى أعشاشها، وقوافل الحيوانات إلى مرابضها، أنصت لأصوات الطبيعة متماهيًا..
يدور الكأس في يدي، ومع الكأس الثالثة أشعلت سيجارة.
خلوة، وصمت، وسهرة طويلة… إقبال، وإدراك، واستواء..
أراني توقفت عن السياحة الصامتة بين القمر الذي كان في سماء الله يبتسم، ورأيت السماء عاصفة بماء المطر، ودروب الأرض وأشجارها حاضرة بشجون، شعرت بأعضائي تنتشي بفرح مجنون…
كنت أريد أن أحرر نفسي من الكتابة، ورأيت إذا لم تكتب في رمضان فمتى تكتب؟
أسدنا الكبير كان لا يزال قابعًا في مكانه بهيئة لذيذة، يدير مملكته بعظمة وحكمة، وهو أيقونة ذات أهمية تخطت الموضوعية…
حِرتُ فيما رأيت…
لكن الروح لا تكذب أبدًا…
يواجهنا تفرسه الراسخ في الأوقات الجيدة والسيئة، إنه يرمز إلى الصفات اللازمة للتحمل والصبر والانتشار…
رأيته ساكنًا….
لم أذكر شيئًا لمخلوق..
إنني أخاف على رأسي..
حتمًا سيتهمونني بما لا يعرفون، ويغضبون…
همس بكلمات وكأنما يهمس في بئر يملأه الماء..
وتنهيدة لم تكتمل…
فجأة قرر أن يكون كومضة تم كل شيء.
سألت نفسي؟
هل تعرف معنى الانتباه إلى ما لا يمكن فهمه بسهولة؟
إن همسه كان “إذا تم العقل نقص الكلام”.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…