أهم 10 أحداث في حياة “جيل الكوارث والأزمات”

بقلم / أحمد القاضي

عذرا لطول المقال ولكني أزعم أنه مشوق لجيل الثمانينات والتسعينيات.. فهي مقالة وصفية

في أصل اللغة العربية كلمة “جيلٌ” تعني ثُلث قرن من الزمان يتعايش فيه الناس مدة زمنية تُقارب 33 سنة ميلادية.
إفتراضاً : إن أراد أحد أفراد هذا الجيل أن يكتب مذكراته يوماً ما ..فماذا سيكتب عن المنحنيات التاريخية التي مرت بها البشرية والإنسانية جمعاء خلال وجوده على سطح الكرة الارضية ؟!
ومن حسن طالعنا أننا جيل عايش العديد من الأحداث الجلل التي ضربت أرجاء المعمورة وسيقف عندها التاريخ الإنساني مدة من الوقت وسيكتبها قلم المؤرخين بكل تقدير ومنها ما يلي:

إنفجار مفاعل تشيرنوبل 1986
مع بدايات النصف الثاني من حقبة الثمانينات أنفجر مفاعل تشيرنوبل فى أوكرانيا في حادثة نووية إشعاعية كارثية وقعت في المفاعل رقم 4 من محطة تشيرنوبل للطاقة النووية. في ابريل من العام 1986، بشمال أوكرانيا ، وهي تعد أكبر كارثة نووية شهدها العالم. كارثة تشيرنوبل تصنف عالمياً كأسوأ كارثة للتسرب الإشعاعي والتلوث البيئي شهدتها البشرية حتى الآن وصنفت ككارثة نووية من الدرجة الـ 7 وقد تم إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المناطق المحيطة بالمفاعل. وبعد حدوث الانفجار بدأت عمليات دفن وتغليف المفاعل بالخرسانة المسلحة لمنع تسرب الإشعاع الناجم عنه والذي أدى إلى وفاة عدد كبير في السنوات اللاحقة متأثرين بالإشعاع وخاصة أمراض سرطان الغدة الدرقية.

حرب الخليج 1990
في صبيحة الثاني من أغسطس عام 90 إستيقظ العالم على توغل قوات الحرس الجمهوري العراقي لدولة عربية شقيقة وهي الكويت دون سبب مقنع أو مقبول ومن ثم ردت قوات التحالف الدولي بعملتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء ، فى الحرب التي شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 6 اشهر بقيادة الداهية كولين باول ضد العراق بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لتحرير الكويت مما ادى لخسائر بمليارات الدولارات حيث كان اشعال وتدمير أكثر من 727 بئر نفطي من أصل 1080 بئراً كويتياً. وقدر قيمة المفقود من النفط والغاز الطبيعي من تلك الآبار بحوالي 120 مليون دولار يومياً. ولم يقتصر تأثير حرائق الآبار النفطية على الكويت فقط، حيث وصل آثار الدخان المرئي إلى اليونان غرباً والصين شرقاً. كما نجم عن قيام الجيش العراقي بضخ النفط في مياه الخليج العربي بتكوّين أكثر من 128 بقعة نفطية مسببةً أكبر حادث انسكاب نفطي في الخليج العربي واثر على جميع الكائنات الحية في مياة الخليج. كما ان استخدام الأسلحة الكيمياوية وخاصة غاز الخردل خلفت خسائر في الأرواح ما بين 170 إلى 200 الف قتيل وجريح.

زلزال 92
في الثالثة و9 دقائق عصر يوم الاثنين 12 أكتوبر92 يتفاجئ مُواطنى القُطر المصري بهزة أرضية غريبة وغير معتادة تقلب أكواب شاي العصاري وتزلزل الأرض تحت الأقدام وتخلع قلوب الأطفال والكبار ، كانت قوة الزلزال 5.8 درجة على مقياس ريختر ولكنه كان مُدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة لحجمه، وقد تسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين وشُرد حوالي 50000 شخص إذ أصبحوا بلا مأوى ، دُمر 350 مبنى بالكامل وأُلحقت أضرارًا بالغة بـ9 آلاف أخرى ، وقد شهدت مصر عدة توابع لهذا الزلزال إستمرت على مدار الأربعة أيام التالية. كان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في مصر منذ إعتماد أجهزة رصد الزلازل ، وكانت نتيجته دُخول مصر ما يسمى بحزام زلازل الكرة الارضية.

إنهيار برجي التجارة العالمي 2001
كان يوما أشبه بالحلم الذي يصعُب تصديقه ، يوما يرى فيه العالم بأكمله إنهيار إثنين من أكبر وأعلى أبراج الشموخ الاقتصادي في العالم المتقدم المتطور ، حيث تتعرض الولايات المتحدة الأمريكية لمجموعة من الهجمات في يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001. ، وفيهِ توجهت أربع طائرات نقل مدني لتصطدم بأهداف محددة، وقد نجحت في إصابة ثلاث منها. تمثلت الأهداف في برجي مركز التجارة العالمي الواقعة بنيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية”البنتاجون” ، وقد خلفت هذه الأحداث 2973 قتيلا و24 مفقودا، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين جراء إستنشاق دُخان الحرائق والأبخرة السامة. وكان من أهم أثارها السلبية إضطهاد الدول الغربية للعرب عامةً وللمسلمين خاصةً.

حرب الخليج الثانية 2003
استمراراً لسياسة لي الذراع والإستحواذ من القطب الأوحد ومن باب رد الصاع بصاعين جاء جورج بوش الإبن وسار على نفس نهج والده بوش الأب وأصر على إقتحام العراق بغرض “تطهير منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل” التي لم تكن موجوده بالأساس فهو “حقٌ أُريد بٍه باطل” ، سببت هذه الحرب أكبر خسائر بشرية في المدنيين العراقيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي منذ عدة عقود بسبب المقاومة العراقية وانتهى الأمر بسقوط بغداد في الليلة الشهيرة التي دخلها فيها الجيش الأمريكي مترجلا على الأقدام وتم إلقاء القبض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتبعها تنفيذ حكم الإعدام شنقا. وبُثت مقاطع مسربة من عملية الإعدام على العديد من القنوات الفضائية صبيحة يوم عيد الاضحى في تحدي صارخ لشعيرة من شعائر المسلمين وفي يوم عيدهم.
وتبع ذلك رجوع كل المصريين المقيمين في العرارق للأراضي المصرية وأنتهت أسطورة العراق “المحافظة الـ 27” والتي بنت وشيدت نصف القطر المصري تقريباً على مدار أكثر من الربع قرن من الزمان ، وبدلا من ان يكون المصريين الموجودين في العراق سببا في رفع الناتج القومي الإجمالي المصري أصبحوا عبئًا إضافيًا ثقيلاً على الإقتصاد القومى المحلي.

أزمة الرهن العقاري العالمية 2008
أُعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير في عِشرينيات القرن الماضي ، أبتدئت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم إمتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط إقتصادها مباشرةً بالإقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008 إلى 19 بنكاً، كما توقع آنذاك المزيد من الإنهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية ، وامتدت لتشمل غالب دول العالم ومنهم من أشهر افلاسه بالفعل كاليونان.
كان لتاثير هذه الازمة عظيم الأثر على سعر صرف الدولار وسعر أوقية الذهب فإرتفعت قيمة الشبكة المصرية “الذهب” لكل شاب مصري مُقبل على الزواج لثلاث أو أربع أضعاف القيمة السابقة للأزمة.

ثورات الربيع العربي 2010/ 2011 والفوضى الخلاقة
بعد عُقود من السكون والجمود، وعلى غير المتوقع، إندلعت في أكثر من بلدٍ عربي ثورات شعبية أسقطت أنظمة، وهزت عروش أنظمة أخرى، وخلقت واقعاً جديداً على المستوى السياسي والإجتماعي لم تكن سرعة تشكّلهُ وعمق تحولاتِه لتخطر على بال أكثر المراقبين تفاؤلاً.
وبعدما ضجت السياسة المصرية بالتكبيل والتحقير الذي تراكم على مدار عقود من الزمن، جعلت الشعب المصري أشبه بـ «برميل البارود» الجاهز للانفجار في أي لحظة ، فإنفجرت ثورة مصرية مفاجئة وحركة شعبية مباغتة وكان اليوم الأصعب تاريخيًا على الشعب المصري والذي لن يُمحى من تاريخ هذا الجيل هو “جمعة الغضب” والتي واجهت فيها دولة الأمن والأمان إنهيارًا مدويًا لمنظومة الأمن فيها سواء كان ذلك بسبب مؤامرة أو مفاجأة غير متوقعة ، حيث شهدت هذه الجمعة عددا من الأحداث طريفة التكرار ، فلأول مرة ينزل الجيش للميادين، وتفتح السجون للمجرمين على مصراعيها بأيدي مشبوهة، وتظهر اللجان الشعبية التي وقف خلالها الشعب العادي يتصدى لمثيري الشغب.
وللمرة الأولى في حياة هذا الجيل نعيش ما يسمى بحظر التجوال ونرى دبابات الجيش تجوب الشوارع بدلاً من الأتوبيسات والتاكسيات.

ثورة 30 يونيو 2013
بعد ما يقارب العامين من الإنفلات الأمني والأزمات الإقتصادية والتظاهرات والفاعليات المتكررة ، يعاود الشعب المصري الانتفاض للقيام بثورة جديدة من أجل التخلص من حكم أول رئيس مدني منتخب فشل في إدارة شئون البلاد ، في تلك الفترة إنقسمت التظاهرات بين مؤيد ومعارض ووصلت حدة الإنقسام إلى حد الإقتتال ، ودخلت البلاد في نفق مظلم وعاد حظر التجول للظهور مرة أخرى ، ثم توحد الشعب مع الجيش من أجل الوصول لمرحلة حاسمة تبعتها تفجيرات وعمليات إرهابية واختلط الحابل بالنابل ، إلى أن هدى الله الأمور وأستقرت الأوضاع وعُدنا للنقطة صفر من جديد.

تعويم الجنية وتحرير سعر الصرف
عشية يوم الخميس 03/نوفمبر/2016 إتخذ البنك المركزي المصري قراراً تاريخياً قاسيًا بتحرير سعر صرف الجنية المصري أمام العملات الأجنبية وأصبح خاضعاً لآليات العرض والطلب ، فإرتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، بقيمة بلغت 7.26 جنيه، حيث سجل في اليوم التالي إرتفاعاً وصل لنحو 16.09 جنيهًا. مما أثر بالسلب على أصحاب الدخول البسيطة ومحدودي الدخل وأنعكس بالتبعية على الطبقة المتوسطة من الشعب المصري التي تُمثل الغالبية العُظمي منه ، مما دفعها للتلاشي والإنحسار بعد هذه الخطوة الإقتصادية التاريخية.
ودفع هذا الجيل نتيجة أخطاء الحكومات السابقة وقراراتها الإقتصادية العشوائية ووجب عليه أن يتحمل بمفرده ويدفع وحده تلك الفاتورة.

 

تفشي وباء الكورونا وعزل الكرة الارضية عن بقية المجرة 2020
أخيرا وليس آخرا ، يظهر شكل جديد من الحصار ولكنه هذه المرة أشمل وأعم وليس محلياً أو إقليمياً كما إعتاد هذا الجيل ولكنه هذه المرة عالمياً بل كونياً ، إنه حصار كوكب الأرض نفسه داخل مجرة درب التبانة ، عُزل الكوكب وتوقفت كل مرافقه الحيوية وخضعت أمام فيروس مُستجد لم يظهر له حتى كتابه هذه السطور أي مصل أو لقاح يقي البشرية مرارة إنتشاره ووحشية وهمجية هجماته القاسية. والله المستعان على إيقاف تبعات الإنتشار المتلاحق المتزايد للفيروس الملعون.

أعتقد بأن هذا الجيل على وجه التحديد ” أخُص هنا جيلٌ ولد وعاش في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً بجمهوية مصر العربية لأنه أجتمعت فيه ومعه كل هذه الخصائص والأحداث المتلاحقة”. إنه جيل لم يظهر مثله عبر تاريخ الكرة الأرضية منذ عصور الديناصورات ولم يمر مثله على القطر المصري منذ مينا موحد القطرين ومرورا بكل الأسر التي حكمت مصر المحروسة فنحن ولله الحمد مُميزين في كل شئ ، نحن نختلف عن الآخرون ، وفي نهاية الأمر يقولون عنا أننا “جيل متدلع”

هذا ليس إعتراضا على أمر وقضاء الله أبداً ، ولكنه تأكيد على كفاح هذا الجيل وتيمنًا بأن عقاب الجنس البشري تحمله هذا الجيل بمفرده وبصدور مفتوحة ويقين بقدر الله ، نرجوا من الله عز وجل تخفيف حسابنا في الأخرة فقد كنا مِصريين في الدُنيا.
وكي لا نكون سوداويين على طول الطريق فإن من حسن حظ هذا الجيل أيضا أنهم من عايشوا التحول الرقمي وإنتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة ، والموبايل سواء “أبو زراير والتاتش” ، وأطباق الأقمار الصناعية والحاسب الآلي والإنترنت فائق السرعة ، ودراسياً سنة 5 وسنة 6 ابتدائي في عام واحد وثانويتين عامتين في نفس السنة ومنهم من تحصل على مجموع 102 % ، رقم خزعبلي لا يتحقق إلا مع جيلنا المكافح ، وأيضا وصلنا إلى كأس العالم مرتين وهو حدث تاريخي ، وشاهدنا إطلاق أقمار صناعية مصرية للفضاء ، إفتتاح 3 خطوط مترو أنفاق ، التوسع في خطوط التليفون الأرضية ، والمجتمعات العمرانية الجديدة ، والمدن الساحلية وغيرها من مظاهر التطور المجتمعي الواقعية الملموسة.

وعلى شاكلة فواصل MBC2 .. بعد الفاصل

سد النهضة وتبعات الفقر المائي
دولة ضعيفة ظاهريًا مدعومة من خلف الستار ، تحارب أم الدنيا في شربة الماء وتصر بمنتهى التعنت والإستخفاف اللعب بمقدرات الشعب المصري من المياة.
تٌرى .. ما هو التصرف الذي ستتخذه مصر بعدما تفرغ من محاربة فيروس كرورونا؟؟ وهل الحرب القادمة هي حرب المياة ؟؟
هذا ما سنعرفه في الحلقات… “عفوا في الأيام القادمة”
تابعونا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى