د.حامد محمود يكتب : ادارة بايدن وطوفان الاقصى .. دوافع التأييد الامريكى الاعمى لاسرائيل
المدير التنفيذى لمركز الفارابى للدراسات والابحاث الاستراتيجية
اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفًا متشددًا من عملية “طوفان الأقصى”، التي نفّذتها حركة حماس، صباح 7 أكتوبر 2023، فأعربت عن إدانتها للعملية التي وصفتها بـ “الإرهابية”، وعن وقوفها التام مع إسرائيل، ودعمها لـ “حقها في الدفاع عن النفس”، وتقديم كل العون الذي تحتاج إليه. وفي خطاب ألقاه بايدن، في العاشر من اكتوبر وضع الحركة على قدم المساواة مع تنظيمَي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، ووصفها بـ “الشر المطلق”. في المقابل، أشاد بإسرائيل وبعلاقته الوطيدة بها، التي تمتد أكثر من خمسين عامًا، في حين لم تنَل معاناة الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة نصيبًا في خطابه، وأشار إلى أن “حماس لا تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الكرامة وتقرير المصير.
ولكن ما هى اسباب الانحياز المطلق إلى إسرائيل ؟
ف منذ الساعة الأولى لعملية حماس العسكرية التي استهدفت المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في محيط قطاع غزة، تبنى بايدن الرواية الإسرائيلية للحدث، بما في ذلك ادعاءات ملفقة حول قيام مقاتلي حماس بقطع رؤوس أطفال إسرائيليين، وزعم أنه شاهد صورًا تؤكد ذلك. ورغم أن البيت الأبيض ذاته وبعض وسائل الإعلام الأميركية، التي لا تقل تعاطفًا مع إسرائيل، تراجعا عن تلك التقارير الملفقة، فإن بايدن لم يعتذر عنها إلى الآن. وعندما قصفت إسرائيل المستشفى الأهلي (المعمداني) في قطاع غزة، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وهي المجزرة التي خلّفت مئات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والمرضى الفلسطينيين، سارع بايدن وإدارته إلى تبني رواية إسرائيل التي تزعم أن المجزرة نتجت من سقوط صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي.
وذهب بايدن أبعد من ذلك في تأييده سياسات إسرائيل؛ فقد قال إنه أخبر نتنياهو في مكالمة هاتفية أنه لو واجهت الولايات المتحدة مثل هذا الهجوم، فإن رده سيكون “سريعًا وحاسمًا وساحقًا، وهو ما يعني إعطاء ضوء أخضر لإسرائيل للاستمرار في الجرائم التي تصل حدَّ الإبادة ضد أكثر من 2.3 مليون من سكان قطاع غزة. وقد أكدت مذكرة داخلية مسربة من وزارة الخارجية الأميركية هذا التوجه، تضمنت توجيهًا للدبلوماسيين الأميركيين بأن يتجنبوا استخدام عبارات مثل “وقف التصعيد/ وقف إطلاق النار”، و”إنهاء العنف/ إراقة الدماء”، و”استعادة الهدوء”. وعوض ذلك، جعلت إدارة بايدن “القضاء” على حماس هدفًا أساسيًا لها، وهو الهدف الذي أعلنته إسرائيل. ويعدّ بايدن أول رئيس أميركي يزور إسرائيل وهي في حالة حرب، ويجتمع مع المجلس الوزاري الإسرائيلي الحربي المصغر، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، ما يجعل الولايات المتحدة شريكًا لإسرائيل في حربها ضد قطاع غزة. وقد جاء الدعم الذي قدّمته واشنطن لإسرائيل في عدة مجالات..
اولها الدعم السياسى حيث اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفًا متشددًا من عملية “طوفان الأقصى”، فأعربت عن إدانتها للعملية التي وصفتها بـ “الإرهابية”، وعن وقوفها التام مع إسرائيل، ودعمها لـ “حقها في الدفاع عن النفس”، وتقديم كل العون الذي تحتاج إليه. وفي خطاب ألقاه بايدن، في العاشر من الشهر الجاري، وضع الحركة على قدم المساواة مع تنظيمَي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، ووصفها بـ “الشر المطلق”. في المقابل، أشاد بإسرائيل وبعلاقته الوطيدة بها، التي تمتد أكثر من خمسين عامًا، في حين لم تنَل معاناة الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة نصيبًا في خطابه، وأشار إلى أن “حماس لا تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الكرامة وتقرير المصير”.
ولم تشر إدارة بايدن إلى الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، خصوصًا بعد أن قررت إسرائيل منع دخول الماء والغذاء والوقود والدواء إليه، وأصدرت تحذيرًا لأكثر من 1.1 مليون فلسطيني (نصف سكان القطاع تقريبًا) مفاده النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه، إلا بعد ضغوط مارستها دول عربية ومنظمات وأخذت إدارة بايدن تنسق مع مصر وإسرائيل لفتح معبر رفح وإدخال مساعدات إنسانية، دخلت الدفعة الأولى منها في 21 أكتوبر، بواقع 20 شاحنة، وفي اليوم التالي 14 شاحنة، وهي تغطي أقل من 5 في المئة من الاحتياجات الضرورية، علمًا أن إدارة بايدن اشترطت عدم حصول حماس على أي من تلك المساعدات. وبدأ بايدن وأركان إدارته، منذ الثالث عشر من الشهر الجاري، يشيران إلى ضرورة أن تحترم إسرائيل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إلا أن هذه الإدارة لا تزال ترفض الاعتراف بأن عمليات القصف الوحشي التي تشنّها إسرائيل ضد القطاع، والتي أوقعت آلاف الضحايا، أغلبهم من الأطفال والنساء، وهجّرت مئات الآلاف من المدنيين، ودمرت البنى التحتية، تُعدّ جرائم حرب. وتتذرع بأنه لا يمكن الجزم بحقيقة ما يجري في قطاع غزة بسبب “ضباب الحرب”.