كورونا الزمن الجميل وعاصفة التنين

بقلم / أحمد القاضي

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ..صدق الله العظيم
أَلَمْ يَأْنِ لبني البشر أن يخشعوا..؟ أَلَمْ يَحنِ وقتا كي يكف بنو البشر عن إيذاء بعضهما البعض وأن يقدموا يداً لمساعدة كل منهم الآخر؟ ..كفا..!! كفا جشعاً وطمعاً ، كفا إنتهاكاً وخرقاً لكل ثوابت الحياة الإنسانية الطيبة ، إن براكين الظلم تتفجر في كل مكان تقريباً، وحممها تكاد تحرق الجميع، وتطال الأبرياء والمستضعفين ، في البداية لم يكن هناك سوى قدرٌ ضئيلٌ من الظلم في العالم ، لكن كل شخص جاء إلى هذا العالم أضاف جزءاً بسيطاً من الظلم ظانّاً أنّه لن يؤثر بشكل كبير ، وهكذا أنتهى بنا الأمر بعالم مليء بالظلم والإضطهاد.
وهَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ.. وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْر تَجِدُوهُ عِنْد اللَّه..كذلك ما اقْتَرَفْتُمُوهَ من شر سيعود عليكم يوما ما.

أوليس مثل تلك الأمراض والفيروسات لهي رسلٌ من عند رب السموات لبني الإنسان كي يتوقفوا عن المزيد من العنف والإضطهاد ، أوليس كل هذا مؤشرا واضحاً على سوء الخاتمة.
إن شيوع الظلم على وجه الكرة الارضية لهو مؤذن بالانهيار والشلل والتراجع والتلاشي ، ذلك بأن الظلم هو المرض اللعين الذي يستشري في مفاصل الحياة بسرعة النيران في الهشيم ، إن الظلم لهو الأب لجميع الشرور وهو أول طريق النهاية لمجتمعات ودول قامت على الظلم.

الحق والخير والجمال” إنها ليست المدينة الفاضلة” التي تتحدث عنها الروايات ولكن فقط هي دنيا نود ان تحتفظ بالحد الادني للكرامة الانسانية والعطف والسلام بين ساكنيها من كافة الكائنات.
ها هو فيروس صغير لا يرى بمقلة العين ينطلق ويخترق ويجوب الكرة الأرضية فازعا ومرهبا كل دول العالم بمؤسساتها الطبية وكياناتها العلمية فيتسبب في كل هذا الذعر ، كما لو أن رب العباد يريد بتلك الرسالة البسيطة أن يوقظ ضمائر قد نامت واسترخت واختفت تماما.

عمالقة الدول الاقتصادية في العالم واعتى المنظمات العالمية قد رفعت درجات الاستعداد لاقصاها تجنبا لانتشار الفيروس بين مواطنيها ولكنها فشلت في منع دخوله لأراضيها..كبار نجوم السينما عبر تاريخها ولاعبي كرة القدم الأشهر أصابهم الفيروس مع وافر احتياطاتهم واهتمامهم والتزامهم بالحرص الشديد على صحة كل منهم.
هل جال بخاطرنا يوماً أن نرى توقف تام للطواف حول الكعبة حتى وإن كان ذلك من أجل تعقيمها أو تطهيرها.. حقيقةًلم أرى مثل هذا المشهد طيلة عمري ولم أسمع به من قبل وكأن جنود الله في كونه تضجروا من إبن آدم وأفعاله.
من منا كان يوما يعتقد أن يتم تأجيل مباراة في دوي أبطال أوروبا أو الدورايات الأوروبية الكبرى خوفا من تفشي مرض لفيروس تافه إستطاع أن يوقف آلة الرأسمالية المتوحشة في العالم بل ويجبرها على الركوع أمام جبروته وسطوته.

وتزامنا مع فزع العالم من هذا الفيروس المجنون ها هي العاصفة الترابية والمنخفض الجوي يحل علينا غير مرحباً به دون سابق إنذار فلم تشهده البلاد منذ أكثر من ربع قرن ، يتوغل داخل بلادنا ويجبرنا جميعا على الإنكماش والانعزال داخل الجدران الأربع خوفا من إيذاء الرياح العاتية والأمطار الغزيرة.

عزيزي الكائن البشري توقف قليلا وأجب بموضوعية وحيادية عما يلي:
هل هذا هو زئير دعوات المظلومين والثكالى على كل المتجبرين المتغطرسين في عالم الظلم والجحود؟؟
هل هذا هو زفير آلام المستضعفين ممن طلبوا أبسط أنواع التعاطف في مجابههة هذا الإجحاف والإفتراء من التنين الصيني؟؟
هل ما نحن عليه الآن هو خرير دماء سالت بلا ذنب في حروب إندلعت وتوقفت بلا سبب يذكر ، لماذا قامت ولما انتهت ؟؟
هل تعد هذه هى الموجة الأخيرة أم أننا بصدد المزيد من موجات الإنتقام الإلهي من البشر معدومي الضمير ؟؟
هل آن وقتُ لأن يستبدلنا المولى بدلا من أن يستعملنا؟؟

تذكروا موجات انفلونزا الطيور والخنازير والسارس والإيبولا التي اجتاحت العالم في العقود الأخيرة وكانت نذير شؤم وناقوس خطر يدق عقول كل زي لُب ، الله عز وجل يؤكد لنا : ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فقد حذرت الآية بكل وضوح أفراد المجتمع كافة، بأن الظلم بكل أشكاله وأنواعه إذا ظهر بينهم فإن العقوبة تشملهم جميعاً، ويكون المقصود فيها هو التحذير من فتنة تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح فاذا حل البلاء فلن يميز بين الطيب والشرس والظالم ولن يستثني أحداً.

في العالم ما يقرب من 9600 نوع للأجناس الحيوانية مهدد 11% منها بالانقراض، وأن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو قد ارتفعت من 280جزءا في المليون إلى 363 جزءا، وأن النشاط الصناعي قد أدخل في القرن العشرين ملايين الأطنان من الرصاص والزنك والنحاس في البيئة، وأن العالم فقد نحو 200 مليون هكتار من الغابات والاشجار الطبيعية، من هنا على البشرية أن تتعاون لإيقاف الظلم عن البيئة واستنزافها من خلال العمل تنظيم العمل الإنساني المشترك والتخطيط له بما يعود بالنفع على البشرية قاطبة وهذا أحد وأهم مقاصد الله في عمارة الكون، ولعل اطلالة قصيرة على أرقام ما يهدد البيئة تجعلنا نقف بجدية أمام هذا الخطر.

إن الاستمرار في إلقاء التبعة كلها على الآخرين، سعياً لإعفاء (الذات)، لا يغير من الحال شيئاً، لأننا المسؤولون حقاً، وأن ما يصيبنا إنما هو من عند أنفسنا. هل نحن مستعدون حقا للقاء ملك الملوك؟
انه لسؤال جدير بالفكر والتأمل والنظر والتدبر بل انه روح الفلسفة الحياتية وسرها العميق الخفى عن البصائر والابصار.
وإذا كان كل هذا الذعر حين وقعت العاصفة.. فكيف بنا إذا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ!!

إنه الخوف !! الخوف من مواجهة رب الكون يوما ما ، هذا هو حقيقة ما يفزعنا يوما بعد يوم ،لم نقدم شيئاً ، أرصدتنا في بنك رب العالمين مكشوفة ، فقد سحبنا أكثر ما أودعنا ، لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، ليس لها من دون الله كاشفة.

{الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ” }خر٣٤:٦- ٧

وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى