القدرة على الترك…ومراحل تطور العلاقات الإنسانية

بقلم / أحمد القاضي

“ما نتركه بالمنطق ، لا يفترض ان نعود اليه بالعاطفة”. سيجموند فرويد

قد تكون بجانبي ولكني لا أشعر بوجودك على الاطلاق.. كنت في الماضي تمثل لي الكثير بل أكثر من كل كثير بينما الآن لا تمثل لي شئ .. لا تضع نفسك في علاقة لا طائل من ورائها سوى الإرهاق الذهني والنفسي وليس لها أي مردود إيجابي على حياتك ومستقبلك. حقا هو شعور سخيف أن تبقى في انتظار نهاية علاقة مع شخص ما كنت تعده من أقرب الناس إلى قلبك ولكنه الرسم البياني للعلاقات الإنسانية الذي غالبا ما يبدأ بنسق تصاعدي حتى يصل لذروة العلاقة ويتوقف عندها حسبا لنوع العلاقة او وفقا لحظك من الدنيا ومن ثم يتناقص او ينهار حتى تختفي اواصر تلك العلاقة تماما الى ان تصل لنقطة مخيفة يبحث كل طرف فيها عن وسيلة او موقف يخرج به من هذه العلاقة بأقل الخسائر وبقدر مقبول من الشياكة.

تتمثل دورة حياة العلاقة الانسانية بما يسمى ال bell curve

 

 

  1. الإعجاب والتعلق..

قد يبدو انها مصادفة او عن دون قصد ظهور هذا الشخص في حياتك دون سابق انذار ولكن ما ان يظهر تتمسك به وترغب في ان تراه مرات ومرات وغالبًا ما يشير هذا الاعجاب إلى الشعور بالجاذبية القوية والارتباط العاطفي، وكما يُقال فإنّ التعلق هو كيمياء تحدث بين أيّ شخصين دون أيّ سبب يُذكر، إذ أنّه يوجد هرمون داخل جسم الإنسان يُدعى هرمون اوكسيتوسين والذي ترتفع مستوياته عند اللقاء ، يستمر اعجابنا وتعلقنا لينقلنا طواعية للمرحلة التالية وهى الاهتمام والشغف.

  1. الإهتمام والرغبة والشغف

يصبح كلا الطرفين يشكل الجزء الاكبر من حياة الطرف الاخر، وفيها يخلق خيالا كثيفا وإبداعا يجعل كل طرف يثير مفاجأة الطرف الآخر. يسبق كل منهما الآخر في التعبير عن الاهتمام حتى وان كان بمشاركة هوايات واهتمامات لم تكن اطلاقا في صميم اهتمامات اي منهما من قبل.

  1. الإستقرار والإستيعاب

بعدما تعرّف كل طرف على الطرف الآخر بصورة أفضل، هنا يكتشف كل طرف اختلافات الطرف الآخر وخصوصياته.

وفي هذه المرحلة يبدأ كل شخص، بصفاته الفريدة، في إظهار نفسه كما هو في الواقع، في مجمله وفي استقلاليته دونما اي رتوش. ويبدأ كل شخص في اقتسام تجاربه الشخصية مع شريكه او صديقه. وهنا لا يمكن الحديث عن مثالية، وإنما واقع تجسيد أعمق للعلاقة بين الطرفين.

 

  1. الفتور والملل

في خلال تلك المرحلة يصل الطرفان لحالة من الاشباع او من التململ من الطرف الاخر من الممكن لعدة اسباب منها طول امد العلاقة وكثرة التواجد او القرب المستمر او لعدم تغيير تكنيك التعامل وتغيير شكل العلاقة ومن ثم يقل الشعور بالرغبة والإشتياق.

ويتوقف كل طرف عن اضافة المزيد. وفي هذه الخطوة تظهر حتمية الخطوة الاخيرة

  1. البحث عن الخروج الآمن

هي مرحلة تتارجح فيها بين اختيارين كلاهما أمر من الآخر”البقاء أو الرحيل” .. بقاؤك مع عدم الاحساس بالأمان ، فقدان شهية تقديم المزيد وقتها ستتحمل الكثير من المعاناة ، وفي نفس الوقت الميل اكثر للابتعاد والخروج بلا عودة وفقدان الحبيب او الصديق وتتحمل مرارة ووجع الفراق .. وهى تشبه الى حد كبير مرحلة التخارج التي تنتهي عندها الشركات والمؤسسات بعدما تصل للاشباع وعليها تجديد النشاط او البحث عن حوافز جديدة.

 

للاسف هي حقيقة : قد ترتبط بمكان او بحيوان اكثر من ارتباطك بشخص ما.

إن شعور الوحدة من أصعب الأحاسيس التي يشعر بها أي كائن حي ولكنه أكثر راحة مادمت بعيدا عن عالم النفاق والرياء والكذب.. لا تربط سعادتك بوجود شخص في حياتك فما ان يشعر بهذا الاحتياج اصبحت عروس الماريونت يتلاعب بخيوطك كيفما شاء .. إن أصعب شيء على المرء أن يربط ذكرياته بإنسان ما ، فيصبح الفراق حالة من فقدان الذاكرة.

حياتك لوحة فنية .. الوانها القول واشكالها العمل ورساموها نحن ، فاذا انقضت حياتك اكتملت اللوحة ، وعلى قدر روعتها تكون قيمتها ، فابدع في لوحتك قدر استطاعتك فمازالت الفرشاة بيدك.

سياتي عليك يوما يكون احتياجك للترك او للفقد اكبر من احتياجك لتواجد ايا منهم..فاهتمامك بمن لايهتم بك اهانة من الممكن ان تبقى وحيد اذا لزم الامر ، فلا شئ يستحق ملاحقة من يستغني عنك.

ثمّة شقاء مخيف، يكبر كلما ازداد وعينا بأنهم قليلون هم يستحقون سخاءنا العاطفي، ومحظوظون هم من نهدي لهم اهتمامنا .

إن القلوب بين إصبعين الرحمن يقلبها كيفما يشاء…فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.. وارقنا صحبة صالحة لا تغيير فيها ولا فتور منها.

وفي نهاية الامر لابد وان يكون لدينا قدرة واستطاعة تسمى “قدرتنا على ترك ما تتعلق به قلوبنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى