المستشار محمد سيد أحمد يكتب: التنازل عن المحرر المزور ممن تمسك به . لا أثر له على وقوع الجريمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه السيد القاضى المقـرر والمرافعـة والمداولة قانونًا ٠
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى التزوير فى محرر رسمى واستعمالــه مع علمه بتزويره قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يعن بدفاعه بأن التزوير مفضوح لا يمكن أن ينخدع به المدعى بالحقوق المدنية ، كما أن التوقيعات المذيلة بها الورقة المزورة لا تدل على أسماء الموظفين المنسوبة لهم فضلًا عن أنـــه لم يترتب عليـــه ضرر بالمدعـــى بالحقوق المدنية ، وأن الطاعن لم يتمسك بالورقة

المزورة بدلالة المستندات المقدمة بجلسة المحاكمة والتى التفتت عنها المحكمة ، كما أن المحكمة
لم تناظر التوقيعات المذيلة بها الورقة المزورة مكتفية بما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير ولم توضح أوجه الشبه بين الورقة الثانية المزورة والورقة الأولى من الحكم محل التزوير ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدى الإثبات ومما ثبت بتقرير أبحاث التزييف والتزوير فى بيان وافٍ ، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم فى التزوير المعاقب عليه أن يكون متقنًا بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوى أن يكون واضحًا لا يستلزم جهدًا فى كشفه أو متقنًا يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة فى الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تغيير الحقيقة الذى تناول الورقة الثانية من الصورة الضوئية للحكم الصادر بتاريخ ١٦ / ١١ / ١٩٩٩ فى الدعوى رقم ٤١٨ / ١٩٩٤ مدنى جزئى طوخ المزورة يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد . هذا فضلًا عن أن ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم لدفاعه بأن التزوير مفضوح لا يعدو أن يكون دفاعًا موضوعيًا لا يستلزم من المحكمة ردًا خاصًا اكتفاء بما أوردته من أدلة الثبوت التى اطمأنت إليها وأخذت بها ويضحى النعى على الحكم فى هذا الصدد غير قويم .

لما كان ذلك ، وكان لا يشترط فى جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلًا من الموظف المختص بتحرير الورقة بل يكفى أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع وأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التى نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصًا بعينه لأن هذا التغيير ينتج عنه حتمًا حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها فى نظر الجمهور .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن التنازل عن المحرر المزور ممن تمسك به لا أثر له على وقوع الجريمة ومن ثم يكون نعى الطاعن فى هذا الصدد غير سديد .

لما كان ذلك ، وكـان من المقرر
أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملتــه أوراق رسميـة ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن المستندات المقدمة بجلسة المحاكمة لإثبات عدم تمسكه بالورقة المزورة لا يكون مقبولًا .
لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطلعت على المستند المزور وأثبتت أنه عبارة عن صورة الكترونية للصفحة الثانية لمسودة الحكم رقم ٤١٨ لسنة ١٩٩٤ مدنى طوخ ومذيلة بعدة توقيعات فرمة منسوب صدورها للمراجع وسكرتير الجلسة والسيد رئيس المحكمة ـــــ خلافًا لما يزعمه الطاعن ـــــ فإن النعى على الحكم إغفاله مناظرة التوقيعات المذيلة بها الورقة المزورة يكون فى غير محله .

لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن بشأن جريمة التزوير فى محرر رسمي ما دام الحكم قد أثبت فى حقه توافر جريمة استعمال المحرر المزور مع العلم بتزويره ـــــ والتي لم ينازع فيها الطاعن ــــــ وأوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذها ، وهى عقوبة مبررة لجريمة استعمال المحرر المزور ، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

” فلهذه الأسباب ”
حكمت المحكمة:ــــ بقبول الطعن شكلًا وفى الموضوع برفضه .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى