الفهلوة المصرية.. “ماركة مسجلة””

بقلم / أحمد القاضي

هل من الممكن ان تتقدم أمة وترتقي دون مواجهة أخطائها وتحديد سلبياتها ؟هل بالإمكان أفضل مما كان؟؟

أسئلة تبدوا منطقية الإجابة ، ولكنها قطعا تفتقر للإستجابة ، عذرا إنها الفهلوة المصرية يا سادة، انه ذلك المرض العضال الذي ينهش في جسد البناء المصري منذ قرون من الزمن.

وبالبحث عن أصل كلمة“فهلوة”نجد انها مشتقة من كلمة فارسية هي “بهلوي” وهي تطلق على من يتميّز بالشجاعة وسعة الحيلة – والجدير بالذكر ان الفهلوي يختلف عن الأونطجيالتي هي كلمة يونانية الاصل معناها حيلة -ومن ثم أصبحت”الفهلوة” سلوك مصرى خالص لا يمكنك أن تضع له إطارا محددا أو تعريفا جامعا مانعا – إلا أنه يعنى فى أبسط تفسيراته أن تعمل أقل مما يجب وأن تحصل على أكثر مما تستحق وهى ثقافة راسخة فى وجدان المصريين مع إختلاف طبقاتهم الإجتماعية عبر عقود من السنين.

يرى المؤرخ محمد سعيد الصحافان سياسة الانفتاحفي عهد الساداتأحدث انقلاباً في منظومة القيم فتحول المصري من الإنتاج الى الاستهلاك ، و حدثت خلخلة لطبقات المجتمعوقيمه وتآكلت الطبقة الوسطىفصارت الخطوط الفاصلة بين الخطأ والصواب غير واضحة .

ويقول د.”عاطف العراقى”، أستاذ الفلسفة بكلية آداب جامعة القاهرة – أن ثقافة “الفهلوة” هى نوع من الثقافة العشوائية التى تنتشر للأسف فى العالم العربى وليس فى “مصر” فقط، وأن من مظاهر هذه الثقافة البائسة: الإدعاء بالعلم والمعرفة، والتظاهر بأشياء تخالف الحقيقة، وعدم احترام الكلمة سواء المنطوقة أو المكتوبة.

بامكان اي منا اذا ما ترجل في شوارع المحروسة أو أجبره حظه العثر ان يتواجد في اي مصلحة حكومية ان يلحظ ابشع مظاهر العشوائية المبنية على أسس ممنهجة ومنها على سبيل المثال لا الحصر طبعا.

  • انه الفهلوي الذي يقوم بدور السايس في مواقف السيارات في الشوارع ويتحصل منك على اكرامية اجبارية دون وجه حق.
  • اليس هو الفهلوي قائد السيارة الذي يكسر اشارات المرور في الساعات المتاخرة ليلا ويكأنه يعشق انتهاك القانون ويرفض أي نظام كما انه ينظر بسخرية للواقفين الملتزمين.
  • اليس هو ذاك الفهلوي الذي يظهر بالأخص في المصالح الحكومية والمرور والمحاكم ليمرر لك من الابواب الخلفية ما لم تستطع القيام به علنا.
  • اليس هو المسئول الفهلوي والمدير المتمرس على خداع الضرائب وتغيير أرقام الميزانيات ليلعب دوما دور المنقذ.
  • هذا هو الفهلوي الذي ينافق مديره ويسايس أموره مع رئيسه لكي يورط زملاؤه ويقفز على أكتافهم.
  • هو ذلك الزوج الفهلوي الذي يخدع زوجته وجيرانه بأخلاق زائفة مصطنعة ولكن حقيقة الأمور غير ذلك تماما.
  • اليس هو الفهلوي الذي يقفز فوق حواجز المترو للمرور دون تذكرة ويتغنى بين أقرانه بقدرته على الهروب من محصل القطارات.
  • هو أيضا السباك والكهربائي وأصحاب الحرف الذين يتنزفون الأموال من جيوبنا دونما أي مبرر ويستغلون عدم فهمنا بالجوانب الفنية لأعمالهم.
  • أليس نحن من نخترق ونخالف القوانين بكل أريحية من أجل الوصول لغايتنا تحت مسمى “الغاية تبرر كل الوسائل”
  • والفهلوي اليوم هو رجلالعصر هو الراجل الجدع اللي ينزل من بيتهم ويعرف يطلع الجنيهمن أي حد بأي طريقة.

إن الفهلوي المدعي بعلمه ببواطن الامور وخبرته في كل جوانب الحياة ولديه يقين راسخ بذلك هو في واقع الأمر يفتقر للعلم والدين والقيم الانسانية ومبادئ احترام الاخر.

كان من المفترض ان نسبق امما اقل منا فكريا وابعد عنا ثقافيا ولكن سوء استخدام الأميين وغير المثقفين الذين يصدقون ما يُقال لهم دون فحص أو تمييز  كان سببا في تأخرنا عن ركب النهوض والتقدم ودون أدنى شك فإن التطبيق الحازم والصارم للقانون على الجميع يحاصر هذه الجرثومة التي يمكن أن تلاحظها بسهولة دون مجهر تخرج لسانها لكل ما هو واقعيومحترم وجاد

إن الالتزام بالنظام أمر حتمى لانتظام الحياة، بل إنه دليل على الرقى، وبالتالى فإن مخالفة الأنظمة والقوانين يجب ألا تمر بدون حساب مهما كان المبرر.

 

عبارات مصرية كلها فهلوة × فهلوة

  • الرزق يحب الخفية “طبعا صح لو كانت رزق ولسيت نصب”
  • أفهمها وهى طايرة”بناءا على خلفية ولا على موهبة ولا على اونطة”
  • كبر دماغك”يعني مثلا الدنيا تولع ومصالح الناس تقف وسيادتك مكبر دماغك”
  • الكلام مش عليه جمارك “يعني اتكلم واكل الناس اي كلام هو في حد بيحاسب حد”
  • جايب الديب من ديلة&إحنا اللى خرمنا التعريفة “دا واحد بيقدر يعمل اي حاجةوكل حاجة “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى