شريف ربيع يكتب: أحلامُ الشباب
لكل منا حلمه الخاص، ونسعى جميعًا لتحقيق السعادة والحصول عليها، ولا نحب الوقوع في الحزن والقلق والتشاؤم وغير ذلك من أعراض الاكتئاب؛ لذلك لا بد من الاهتمام ببعض النقاط خاصةً في عالمنا العربي؛ ومن أهمها عدم القدرة على تحقيق الأحلام؛ حيث توجد مشكلة خطيرة في مجتمعاتنا العربية؛ ألا وهي الرعاية الأسرية الزائدة عن الحد والطويلة الأمد أيضًا، بمعنى أن الأبناء يظلون تحت رعاية الوالدين حتى انتهاء فترة الدراسة الجامعية، بل ربما حتى وفاة الوالدين.
وهذا التصرف قد يكون سببًا كبيرًا في إعاقة الشباب عن تحقيق أحلامهم؛ فلا بد أن يتعلم الشباب الاعتماد على النفس ومحاولة العمل وكسب المال مبكرًا، ولا ينتظرون حتى التخرج من الجامعة ثم الحصول على وظيفة ما. وهذه الفترة كلها تكون تحت إنفاق الوالدين ماديًّا؛ وهذا يمنع الشباب من خوض التجارب العملية واكتساب الخبرات في المشروعات الخاصة بهم، حتى لو كانت خبراتِ فشل، فلا بد من وجود خبرات فشل لدى الشخص حتى يتعلم من أخطائه، ويعلم قدراته حقًّا، وفي أي مجال يكون نبوغه وتميزه؛ لأن النجاح لا يحدث مرة واحدة، ولا يأتي من فراغ.
لذلك ينبغي على مجتمعاتنا العربية بكل مؤسساتها أن تعيد النظر في هذه المشلكة؛ بحيث يتم تغيير تلك الثقافة السائدة، وتُعطى الفرص للشباب كي ينطلقوا ويمارسوا حيواتهم بعيدًا عن سلطات الوالدين المباشرة، لكن بالطبع سيكونون تحت أسماعهم وأبصارهم، ولا مانع من التدخل بالنصح والتوجيه والمعاونة حينما يتطلب الأمر؛ لكنْ المعاونة لا فرض الرأي.
ويجب مراعاة شعور الشباب بالفشل أيضًا عند التعامل معهم. وبالنسبة للشباب فإياكم أن تشعروا بهذا الإحساس لا سيما عند فشلكم في محاولتكم الأولى أو غيرها من المحاولات، وذلك في طريق تحقيق مشروعكم أو إحدى تجاربكم الحياتية الخاصة في أي مجال وعلى رأسها مجال التعليم والتحصيل الدراسي.
والأخطر من ذلك هو رد فعل الوالدين والمحيطين بالشباب عند هذه اللحظة؛ بحيث يصفونهم بالفشل وأنهم غير نافعين أو غير ناجحين. بل لا بد من تحفيزهم على العمل والبدء في المحاولات من جديد، ومنحهم الثقة في أنفسهم، وإعطائهم أمثلة ونماذج من المشاهير في مختلف المجالات الذين أصابهم الفشل في كثير من محاولاتهم لكنهم لم ييأسوا، بل واصلوا تجاربهم ومحاولاتهم حتى تحقق لهم النجاح والتميز في نهاية الأمر؛ ومن ثَمَّ أصبحوا مشاهير والجميع يتحدث عن إنجازاتهم ونجاحاتهم.
ولا بد من الانتباه إلى منح الشباب حريتهم، والحرية التي نعنيها هنا هي تلك التي تكون وَفْقَ ضوابط وتقاليد المجتمعات العربية؛ بحيث يُمنح الشباب القدر الكافي من الحرية التي تتيح لهم الانطلاق في الحياة وخوض العديد من التجارب، حتى لو كانت في اختيار طريقة المذاكرة المناسبة لكل شخص، أو تكوين صداقات، أو البدء في مشروعات تجارية صغيرة، أو غير ذلك.
ويجب علينا أيضًا البعد عن الحلول الجاهزة؛ فبسبب نظم التعليم العربية أضحى الكثير من الشباب يبحثون عن الحلول الجاهزة السريعة؛ لأنهم اعتادوا في دراساتهم على الحفظ والتلقين من أجل تحصيل الدرجات في الاختبارات فقط، ولم يتدربوا على البحث عن الإجابات بأنفسهم، وإعمال العقل منذ الصغر، ومشاركة المعلمين في المناقشة، وغير ذلك من الطرق الناجحة التي تميزت بها الدول الأوروبية.
وهذا يؤدي إلى عدم اعتماد الشباب على أنفسهم في إيجاد الحلول لأي مشكلة تقابلهم، بل يبحثون عن الحلول الجاهزة لأنهم تعودوا منذ الصغر على حفظ الإجابات الجاهزة وكتابتها في الامتحان، ويظنون أن دورهم ينتهي عند ذلك الحد بمجرد الخروج من لجنة الامتحان! وبسبب هذه الأمور يصاب كثير من شبابنا العربي بالقلق والاكتئاب.