إبراهيم العمدة يكتب: اقتباس علمي يثير الشكوك في جامعة جنوب الوادي
لا خير في أعلى الدرجات العلمية ما لم تزينها الأمانة، فبدون الأمانة لا حاجة لي أن تخبرني أنك أعلم أهل الأرض، لأنني لن اعترف بأي شهادة، إذا فقدت صفة الأمانة.
هذه المُقدمة ضرورية لنوضح موقفنا من قضايا النحل والانتحال العلمية أو بالأحرى الاقتباس في الجامعات، والتي كانت مجرد حالات فردية، ولم تواجه المواجهة اللازمة حتى أصبحت ظاهرة، وبالتالي أصبحت المواجهة ضرورية ولازمة حتى لا نترك تعليم أبنائنا في يد هؤلاء.
اليوم نحن أمام اقتباس علمي يثير الشكوك، وهذا الاقتباس أثار لدي الدهشة وعلامات الاستفهام لأن هذه القضية تخص عميد كلية الحقوق، وهي ليست أي كلية بل هي كلية الحقوق، وهي كلية يعرفها طلابها قبل أساتذتها حجم الجرم في الاقتباس إن تخطى الحدود العلمية، وعقوبته المقررة في القانون، وتفاصيل هذا الاقتباس المثير فيما يلي:
نكشف الستار هنا عن قضية صادمة تتعلق باقتباس تجاوز الخطوط الحمراء في بحث علمي على يد عميد كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادي، والذي اقتبسه من أجل نيل درجة الأستاذية، هذه الواقعة المؤسفة لا تمثل فقط اعتداءً صارخًا على قيم النزاهة الأكاديمية، بل تسلط الضوء على أزمة أخلاقية تهدد مؤسسة يفترض بها أن تكون الحصن الأول لترسيخ العدالة وإعداد جيل يحمل لواء القانون.
هنا راودني سؤال مهم، هو كيف لمن يفترض فيه أن يكون منارة الحق والعدل يقدم على كارثة مثل هذه، وكيف لمن يُؤتمن على تخريج قادة المستقبل وحراس العدالة أن يسقط في هذا الوحل؟
هذا الخطأ الثابت عليه يجعلنا نطالب بتنحيته فورًا ليس فقط عن منصب العميد، ولكن عن إلقاء أي محاضرة أو توجيه لأي طالب جامعي على مستوى كل جامعات مصر.
قبل أن نخوض في هذه التفاصيل نريد أن نذكر القارئ بواقعة شهدتها نفس الجامعة وهي واقعة تزوير طالب شهادة تخرج من الكلية للتعيين في إحدى الجهات قبل أن يتم كشف الواقعة ومعاقبة الطالب المزور بالسجن.
هذا يدفعنا إلى المطالبة بتشديد الرقابة على هذه الجامعة التي يبدو أن هناك من ظن أنها يُمكن أن تكون غائبة عن أعين الرقابة لمجرد بعدها الجغرافي عن العاصمة.
هذه الفضيحة التي نحن بصددها تستدعي تحركًا عاجلًا من الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المعاد تكليفة اذا كان يهمة امور الجامعات، والدكتور أحمد عكاوي رئيس جامعة جنوب الوادي لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، تُعيد للمنظومة الأكاديمية احترامها وهيبتها. فيجب أن يدرك الجميع أن التغاضي عن هذه الممارسات لا يضرب فقط سمعة التعليم، بل يضع مستقبل العدالة والمجتمع كله على المحك.
تفاصيل الفضيحة التي ننشرها بالمستندات والأدلة، تكشف عن قيام الدكتور محمد رشدي إبراهيم عميد كلية الحقوق بقنا جامعة جنوب الوادي، بنشر بحث علمي بعنوان “سلوك المستهلك بين الترشيد والاستهلاك – دراسة مقارنة بين الشريعة والاقتصاد” حيث نشره في مجلة روح القوانين الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة طنطا، في المجلد رقم 32 عدد 89 ، يناير 2020، (البحث في المجلة من صفحة 382 حتى 472) ومنشور على الموقع الالكتروني للمجلة.
وهناك مقال لكاتب السعودي منشور قبل بحث عميد كلية الحقوق بقنا بعشر سنوات كاملة، ولم يجد السيد العميد حرج في نقل كلام الكاتب السعودي ونسبه لنفسه وكأنه هو المؤلف وهذه أمثلة للصفحات المتطابقة من البحثين:
صفحات من بحث عميد كلية الحقوق بقنا (سلوك المستهلك بين الترشيد والاستهلاك)
منشور سنة 2020 مـ
بترقيم الصفحات في المجلة
صفحات من بحث الدكتور/ زيد بن محمد الرماني (الرؤية الاسلامية لسلوك المستهلك )
منشور على الإنترنت من سنة 2010
ص 394
ص 22 و 23
من ص 400 حتى 410
من ص 23 حتى 32
من ص 411 حتى ص 413
من ص 33 حتى ص 34
من ص 413 حتى ص 417
من ص 36 حتى ص 43
من 418 حتى ص 426
من ص 54 حتى ص 62
من ص 428 حتى ص 431
من ص 62 حتى ص 66
المصدر الثاني: الذي قام عميد الكلية بالاقتباس منه، هو مقال بعنوان ( المستهلك وهدفه في الاسلام (2/2) ) كتبه الدكتور/ زيد بن محمد الرماني، ومنشور بتاريخ 2 / 11 / 2010 على شبكة الألوكة، والرابط متاح عبر الإنترنت لمن أراد الاطلاع.
بالطبع تكشفت الواقعة عندما ثبت أن الدكتور محمد رشدي إبراهيم، عميد كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادي، نشر بحثًا علميًا بعنوان “سلوك المستهلك بين الترشيد والاستهلاك – دراسة مقارنة بين الشريعة والاقتصاد” في مجلة روح القوانين التابعة لكلية الحقوق بجامعة طنطا (المجلد 32، العدد 89، يناير 2020). البحث نُشر على صفحات المجلة (من صفحة 382 حتى 472)، ويمكن الوصول إليه عبر الموقع الإلكتروني للمجلة.
المصدر الثاني الذي اعتمد عليه عميد الكلية في السطو العلمي هو مقال بعنوان “المستهلك وهدفه في الإسلام (2/2)”، من تأليف الدكتور زيد بن محمد الرماني، وقد نُشر بتاريخ 2 نوفمبر 2010 على موقع شبكة الألوكة.
والحقيقة أننا وبعد علمنا بتشكيل لجنة تحقيق في الواقعة، فإننا قبل المحاسبة التي لا يوجد لها بديل، نتساءل، كيف وصل العميد إلى هذا المنصب وهو من الذين أقدموا على اقتباس بهذه الدرجة التي يلحظها أي طالب علم، وأين كانت الأجهزة الرقابية التي يفترض فيها أنها تقدم فحصًا شاملًا ودقيقًا عن المرشحين لهذه المناصب من الأساس.
الحقيقة أننا وحتى لا نكون استبقنا نتيجة التحقيق فإننا لا نعرف كيف مر العميد إلى هذا المنصب، وأين دور وزارة التعليم العالي التي لم تعلق ولم تصدر بيانًا عن هذا.
الحقيقة أن الإقالة الفورية لهذا العميد الذي وصل إلى هذا المنصب بطريقة ملتوية هي الأساس، وبعدها لنا حديث آخر مع الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي لا نعرف كيف تم التجديد له في الوزارة الأخيرة، وكيف أعيد تكليفه، فهو لا يُقدم ولا يؤخر، فقضية الاقتباس العلمي مثارة، لكن الوزير فضل خانة البيروقراطية وانتظار النتائج، والحقيقة أن الأمر مثار داخل جامعة جنوب الوادي منذ أكثر من شهر، لكن لا حياة لمن تنادي، أما وإن كان الدكتور أيمن عاشور يعلم بالواقعة فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فمصيبتين.
الأمر لا يحتمل التأجيل أو التأخير، ومواجهة الدكتور بفعلته في لجنة التحقيق لا يجب أن يتأخر أكثر من ذلك.
افتقاد هيبة الأستاذ الجامعي وكلية الحقوق، ومفهوم الشفافية الآن في اختبار وطني، إما أن ننجح فيه أو نقول إننا لم نعد نهتم بالتعليم.
تخيل عزيزي القارئ أننا نقدم على قضية خطيرة في حق هذا الوطن، لأننا للأسف لا ندقق الاختيار بدليل اختيار عميد كلية متهم باقتباس بحث من أجل الترقي، ولدينا وزير لا يُقدم ولا يؤخر.
نحن في لحظة فارقة إما أن نقول إننا نريد هذا الوطن فعلًا كما يريده الرئيس عبدالفتاح السيسي، أو نعلن أننا لا نستحق تراب هذا الوطن، فلا تجعلوا مقالنا القادم بعنوان مصر خسارة فينا، فنماذج العميد الذي وضع نفسه في موضع الشبهات كثيرة.
كما أن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي يجب أن يحاسب على التأخر في الرد على الأمر، وتجاهله.
فأقيلوهما يرحمكم الله.
وللحديث بقية