أمام المشكلات..أيهما أنت ؟؟

بقلم/ أحمد القاضي

يُواجه كلٌّ منَّا في حياتِه بين الحين والآخر مشكلةً أو أكثر؛ إذ يُمكن القول في ذلك: إنَّ حياةً بلا مشكلات تكون لشخصٍ بلا حياة، وهذا الفهم لطبيعة الحياة – وعلى اعتِبار أنَّ المشكلات جُزءًا من حياتنا، وكما أنَّها تسبب لنا الضيق والألم، فهي أيضًا لمن يُحسِن التَّعامُل معها، والاستِفادة من معطياتِها ونتائِجها – تكون رافدًا هامًّا لنهْر تجاربنا وخبراتنا وتذوُّقنا للحياة،

والذي يهمنا هنا هو كيفية ان نحسن التعامل مع مشكلاتنا ونبحث عن الطرق المثلى لادارة خلافتنا وسبل الوصول لحلها.

وفي هذا المقال نستعرض خمس سياسات لحل الخلافات من أي نوعوهم تواليا :

الانسحاب أو التنازل، الإكراه أو استخدام النفوذ ، التهدئة أو التلطيف، الحلول الوسطيةأو التوفيقية ، الطرق التكاملية أو الحكمة. وفي نقاشنا لهذه الطرق سنستخدم نموذجا قد تم تطويره بواسطة عالمي الإدارة: “بلايك وموتون”. من كتاب أنماط البشر في التعامل مع المشكلات”

 

  1. السلحفاة (النمط المنسحب)

وقد سمي بالسلحفاة لان السلحفاة تعمد إلى الهروب والاختباء داخل صدفتها عند تعرضها لأي نوع من الخلاف أو الهجوم، إنها تلغي من حساباتها أهدافها الشخصية ولا تأبه بعلاقاتها مع الآخرين.لذا فالمنسحب أو الهروبي شخص يرى الخلاف الذي نشأ هو خبرة لا نفع منها، وبالتالي فإن أحسن شيء هو الانسحاب من مصدر الخلاف كما يعتقد أن البحث عن حل، أمر مستحيل وأن الأسهل والأسلم هو الانسحاب من العلاقة كلها، هذا النمط يضحي بأهدافه الشخصية وبعلاقاته مع الآخرين على حد سواء. كما ان الهروبي يعمد إلى أن يغير موضوع الحديث بسرعة عندما يحس بأن هناك بداية لخلاف وقد يتغاضى عن ملاحظات أو نقد.

وهذه النمط إن كانناجحاً في بعض حالات الخلاف إلا أنه يغفل عن أسباب الخلاف لا زالت قائمة واجتناب الخلاف لن يجعلها تختف.

 

  1. القرش (نمط الإكراه والهجوم القسري)

وقد سمي بالقرش لان  القرش يريد أن يحقق أهدافه مهما كلفه ذلك، ولا يهتم بحاجات الكائنات البحرية من حوله، ومن ثم فهو لا يهتم ما إذا أحبه الآخرون أم كرهوه.والشخصية الهجومية تتعامل مع المشكلات باستخدام أسلوب القسر والهجوم , وينتج ذلك عن تمسكها الشديد بأهدافها الذي تصل إلى حد التضحية بعلاقاتها مع الآخرين، وتتخذ الحل بالنسبة لها صيغة الربح أو الخسارة، وهي تسعى دون شك إلى الربح فقط.

ومنتهجي هذا النمط يهتمون بالنتائج أو المهمة التي هم بصددها ولا يلقون بالاً للعلاقات مع الناس الآخرين أبدا. والأفراد الذين ينتهجون هذه السياسة يحرصون في أي خلاف أن يخرجوا منتصرين مهما كلفهم ذلك، وتؤثر هذه السياسة على ألفاظهم وتصرفاتهم.

 

  1. الدب الوديع (نمط التلطيف والتهدئة)

سمي بهذا الاسم الدببة الوديعة لانها تريد أن تكون محبوبة ومقبولة من الآخرين. ولإنهم يظنون دوما أنه يجب تجنب الخلاف لصالح أن تبقى هناك علاقة حسنة، كما أنه لا يمكن إيجاد حل للخلاف بدون جرح لمشاعر الآخرين. إنهم يتنازلون عن حقوقهم في سبيل أن يرضى الآخرون عنهم وأن تستديم صداقتهم ، لذا يرى الشخص الوديع أن العلاقة مع الآخر أهم بالنسبة له من أهدافه الخاصة. فهو يسعى إلى الحصول على القبول والمحبة من الآخرين ولسان حاله: (سأتنازل عن غاياتي وأعطيك ما تريد لكي تحبني).

وبالرغم من أن هؤلاء يقيمون علاقات ودية مع جميع الأفراد إلا أن سياستهم قد لا تفيد دائماً وخصوصاً في حالات الخلاف القوي

 

  1. الثعلب (النمط التوفيقي او سياسة التسوية)

أو إمساك العصا من المنتصف لا يجيدها معظم مواجهي المشكلات، وهي سياسة وسط بين التهدئة والإكراه. وهذه السياسة تشعر الأطراف في أي نزاع أنهم رابحون لأول وهلة مع أنهم في حقيقة الأمر خاسرون، لأن هذه السياسة تعطي بعض الكسب لكلا الطرفين بدلا من نصر من جانب واحد، ولذا تعد هذه السياسة في معظم الخلافات سياسة مرضية.

ومنتهج هذه السياسة يبدي استعداداً للتنازل عن بعض أهدافه ويقنع الآخر أن يفعل الشيء نفسه، أي أنه يسعى إلى الحل الوسط الذي يربح فيه الطرفين, فتكون هناك تضحية ببعض الأهداف وكذلك بعض جوانب العلاقة الطيبة مع الآخر.

 

  1. الحمامة (نمط الحكمة او الاطراف الرابحة)

وفي بعض الاحيان يطلق عليه “البومة الحكيمة” وكذلك سياسة الأطراف الرابحة، هي سياسة تمثل قمة النجاح والفعالية لحل الخلافات إلا أنها تتطلب مهارة إدارية واتصالية عالية المستوى. وفيها طريقة مشتركة لحل المشاكل يلزم لجميع الأطراف افتراض وجود حل ما وبالتالي هم يجاهدون لهزيمة المشكلة لا أنفسهم ، وينظر لهذا النمط باحترام كبير إلى كل من أهدافه وعلاقاته, وهو غير مستعد للتخلي عن أي منهما ، ومنتهج هذه السياسة يعطي قيمة عالية لأهدافه ولعلاقاته مع الآخرين، إنه يرى الخلاف على أنه مشكلة تبحث عن حل، وبالتالي فهوينقب عن حل يرضي الأطراف المتنازعة بحيث يحقق هذا الحل أهدافه وأهداف الآخرين مع الإبقاء على العلاقة الجيدة، كمايرى الخلافات شيئاً طبيعياً بشرط أن يتفهم كلا الطرفين أن هناك حلاً لما يكدر خاطرهما وذلك بإزالة أسباب الشحناء، وإبعاد روح التحفز للمهاجمة، وإحلال التفاهم والتعاون كبدايات لعلاقات طيبة.

 

فيما سبق من سياسات ليس ضروريا أن ينتهجها أطراف النزاع أنفسهم، بل يمكن أن يقوم بفض النزاع طرف ثالث من خارج أطراف النزاع.

على المرء تحديد توقيت استخدام كل واحد من تلك السياسات، فقدتحتاج إليها جميعًا حسب المواقف التي تواجهه في الحياة وخلاصة ذلك ما يلي:

  • عندما لا يكون الهدف مهمًا ولا تكون بحاجة إلى الإبقاء على علاقة مع الشخص الآخر فإنك يمكن أن تميل إلى الانسحاب.
  • عندما يكون الهدف شديد الأهمية بالنسبة لك، لكن العلاقة غير مهمة فإنك يمكن أن تميل إلى الإكراه والشدة.
  • عندما لا يكون الهدف مهمًا بالنسبة لك، بينما العلاقة ذات أهمية شديدة فإنك يمكن أن تميل إلى تلطيف الأمور، عندما يتعلّق صديق لك بشيء ما وتكون أنت مهتمًا بذلك الشيء يمكن أن يكون نمط التلطيف مفيدًا.
  • عندما يكون لكل من الهدف والعلاقة أهمية معتدلة، ويبدو واضحًا أنك والشخص الآخر عاجزان عن الحصول على ما تريدان فإنك يمكن أن تصل إلى حل وسط.
  • عندما يكون كل من الهدف والعلاقة على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لك يكون عليك عندها أن تلجأ إلى المواجهة, وتدخل في هذا الإطار العلاقات العائلية والعلاقة مع الأصدقاء المقرّبين.

 

وهكذا، فالناس بطبائعهم يمثلون هذه الأنماط أو الأساليب، فمنهم من يمثل السلحفاة في طباعه أثناء الخلاف، ومنهم من يمثل القرش في شراسته، وأخر من يمثل الدب الوديع ، وكذلك من يمثل الثعلب في مكره ، ومنهم من يمثل الحمامة او البومة.

فعلى قدر معرفتك لطبائع الناس تعرف كيف تدير خلافك معهم، وتتصرف مع كل بالتصرف المناسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى