مني النمر تكتب: حين يتحدث التاريخ … “المتحف المصري الكبير” …
 
						غدا السبت ، ستتجه أنظار العالم كله إلى القاهرة ، وتحديدا إلى الجيزة ، حيث يفتح باب جديد من الإبهار …
افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي أو سياحي ، بل لحظة استثنائية تعلن فيها مصر أنها كما كانت منذ آلاف السنين ، رافعة الرأس شامخة بأبناءها و إنسانيتها ، بهيبتها و كرمتها ، بعزمها و ثابتها …
ذلك الصرح العملاق ، القابع في حضن الأهرامات ، سيجمع أكثر من خمسين ألف قطعة أثرية تحكي قصة الإنسان منذ أن تعلم كيف يخط اسمه على جدران المعابد وحتى اليوم الذي تعلم فيه كيف يترك أثرا لا يمحى …
العالم كله ينتظر هذا اليوم ، ليس لأنه مجرد افتتاح ، بل لأنه موعد مع الانبهار و الجلال ، مع مصر التي لا تزال ، منارة الحضارة وبوابة التاريخ …
منذ سبعة آلاف عام ،
هي التي وضعت أول دستور للحياة ، وأول حجر في طريق العلم ، وأول قانون للعدالة …
هي التي صدرت للعالم أول طبيب ، وأول مهندس ، وأول معمار صاغ الجمال في هيئة معبد أو هرم يتحدى الزمان …
واليوم ، حين يجتمع ملوك وأمراء ورؤساء العالم تحت سماء القاهرة ، فإنهم لا يأتون ليشاهدوا آثارا فقط ، بل ليشهدوا على بقاء أمة لم تعرف السقوط …
كل زاوية في هذا المتحف تحكي أن مصر لا تبيع تاريخها ، ولا تقاس بمؤشرات أي اقتصاد ، لأنها متفردة بذاتها ، لأنها كانت تاريخ العالم قبل أن يكون هناك تاريخ يقاس …
مصر لم تكن يوما دولة عابرة في الزمن ، بل كانت دائما في قلب كل زمان و مكان …
ومن لا يفهم معنى مصر ، لن يفهم معنى البقاء .
فهي الدولة الوحيدة التي لا تزال واقفة حين انهارت إمبراطوريات ، وهي التي احتفظت بهويتها رغم كل ما مر عليها من حروب وتحولات …
افتتاح المتحف المصري الكبير تتويج للإنسان المصري نفسه ، الذي ظل رغم كل شيء يبني ويحلم ويقاوم …
إنها رسالة للعالم …
أن مصر لا تنتظر التصفيق ، بل تعلم الجميع كيف يكون المجد صامتا ومضيئا في آن واحد …
مصر ذاكرة الإنسانية كلها …
هي التي احتضنت الأنبياء ، ومر على أرضها الرسل والقديسون ، وشهدت قيام أول حضارةٍ تحاكي السماء … ولا تعرف إلا لغة الكبار …
وسيبقى المتحف المصري الكبير شاهدا على أن مصر لم تكن يوما دولة تبحث عن مكانها في العالم ، بل كانت دائما المكان الذي يبحث عنه العالم …
تحيا مصر …
كما كانت دائما ، الأصل والبداية ، قبلة الإنسانية والقدوة والبقاء …
 
				 
					 
					


