إسلام محمد سيد أحمد يكتب: الشرط الفاسخ لعقد البيع

«الشرط الصريح الفاسخ لا يتحقق إلا إذا كان امتناع المشتري عن سداد الثمن بغير حق. فإذا كان له سند قانوني يبرر حبس الثمن – كإخلال البائع بتنفيذ التزاماته أو بتسليم المبيع – فلا يُفعل الشرط الفاسخ ولو كان صريحًا. ويُعد حق المشتري في حبس الثمن دفاعًا جوهريًا يجب على المحكمة بحثه والرد عليه، وإغفال ذلك يعيب الحكم بالقصور ويوجب نقضه.»

بيانات الحكم .
• رقم الطعن: ٣٧٧٤ لسنة ٨٢ ق.
• الطاعن: (مذكور في الصحيفة) — الشركة الطاعنة (المدفوع ضدها في درجات الموضوع).
• المطعون ضدهما: شركتا استثمار / إسكان سياحي (رفعتا دعوى قسخ عقد بيع وإلزام بالطرد والتسليم).
• موضوع الدعوى الابتدائية والاستئنافية: فسخ / قسخ عقد بيع لامتناع المشتري عن سداد الأقساط — وطلب المطعون ضدهما تنفيذ شرط فاسخ + إلزام بالتعويض الاتفاقي ١٠%.
• مسار الإجراءات: حكم ابتدائي لصالح المطعون ضدهما (إثبات انتهاء العقد وطرد ورفض طلبات فرعية للطاعن) — محكمة الاستئناف أيدت جزئياً (أبقت على الفسخ وألغت الحكم فيما يتعلق بالتعويض) — طعن بالنقض أمام محكمة النقض.

الوقائع الواقعة في صلب الحكم
• تعاقدت الأطراف على بيع وحدة، وحدد فيه جداول سداد أقساط.
• المطعون ضدهما طلبا قسخ العقد لامتناع الطاعن عن سداد الأقساط المستحقة حتى تاريخ رفع الدعوى، وألزما بالطاعن بالتعويض الاتفاقي (بند رابع: ١٠%).
• الطاعن تمسّك أمام محكمة الموضوع بدعوى فرعية: إلزام المطعون ضدهما بتحديد برنامج زمنى لاستكمال الأعمال الإنشائية وتسليم الوحدة، وتوقيف التزامه بسداد الأقساط لحين التنفيذ (حق حبس الثمن). استند في ذلك إلى مراسلة مؤرخة ٢٠٠٩/١/١٠ ومحضر إثبات حالة.
• محكمة الموضوع قضت بفسخ العقد وطرد الطاعن، ومحكمة الاستئناف أيدت الفسخ وضمَّنت بعض التعديلات، دون أن تتناول دفاع الطاعن المتعلق بحبس الثمن والخلل في تنفيذ التزام التسليم.

المسألة القانونية المركزية المحلولة
هل صح أن يحكم القاضي بفسخ عقد البيع لعدم سداد الأقساط رغم تمسك المشتري بحق حبس الثمن لوجود سبب جدي يخشى معه نزعه من يده (وعدم تنفيذ البائع لالتزامه بتسليم الوحدة/الانتهاء من الأعمال)؟ وهل وجب على محكمة الموضوع التحقيق بموضوع هذا الدفاع (قبول حبس الثمن/ندب خبير) قبل صدور حكم الفسخ؟

أسس محكمة النقض في الرفض والنقض
١. حق حبس الثمن للمشتري (مادة ٤٥٧ مدنى): للمشتري أن يحبس الثمن إذا تبين له سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده؛ ووجود هذا السبب يجب تقديره من قاضى الموضوع، لكن يجب أن يكون القضاء مبنياً على أسباب سائغة وتفسير مقنع.
٢. الدفاع الجوهري ووجوب الرد عليه: إذا تمسّك المدعى عليه بدفاع جوهري (كحجب الثمن لوجود سبب جدي) فعلى محكمة الموضوع أن ترد عليه بأسباب خاصة، لأن هذا الدفاع قد يغيّر نتيجة الدعوى؛ وإغفاله يعد قصورًا في التسبيب ويخلّ بحق الدفاع.
٣. عدم تأثير الشرط الفاسخ مطلقًا: وجود شرط فاسخ في العقد لعدم سداد المشتري لا يمنع المشتري من استعمال حق قانوني مشروع (حبس الثمن) ما دام سبب الحبس قائمًا ومشروعًا (والشرط لا يعمل إذا كان عدم السداد بلا حق).
٤. تزاحم الحقوق والالتزامات: إذا كان من حق المشتري قانونًا أن يحتجز الثمن لوجود سبب جدي، فلا أثر لشرط فاسخ صريح يقضي بالفسخ بمجرد التأخر ما لم يكن التخلف عن الوفاء بلا حق.
٥. خلاصة تطبيقها على الوقائع: الطاعن تمسك بحق حبس الثمن لعدم تنفيذ المطعون ضدهما لالتزام التسليم/إتمام الأعمال، ومحكمة النقض اعتبرت أن محكمة الموضوع (واستئنافها) تجاهلت بحث هذا الدفاع الجوهري، ورفضته بدون تسبيب كافٍ، فكان حكم الفسخ معيبًا.

تطبيق محكمة النقض ونتيجتها
• انتهت محكمة النقض إلى: نقض الحكم المطعون فيه لقصور في التسبيب وإهمال دفاع جوهري (حق حبس الثمن).
• أحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة — مأمورية الجيزة للفصل من جديد.
• ألزمت المطعون ضدهما بالمصاريف، ومبلغ مائتى جنيه أتعاب محاماة.

مبادئ قضائية مستخلصة من الحكم
١. إذا تمسّك المشتري بحقه في حبس الثمن لوجود سبب جدي يخشى معه نزعه من يده، وجب على محكمة الموضوع بحث هذا الدفاع والرد عليه بأسباب خاصة؛ وإغفال ذلك يعد قصورًا يوجب النقض.
٢. الشرط الفاسخ في عقد البيع لا يسقط مبدأ حبس الثمن إذا كان تخلف المشتري عن الأداء ليس بلا حق؛ أي أن الشرط الفاسخ لا يعمل إذا كان للمشترى سبب جدي يحول دون استيفاء الثمن.
٣. تقدير جدية السبب وملاءمته لحق الحبس من صميم سلطة قاضي الموضوع، لكن لا بد أن يكون قضاءه مقرونًا بتسبيب كافٍ يُظهر مراعاة الدفاعات المؤثرة.
٤. إحالة القضايا إلى محكمة الاستئناف مطلوبة عندما يعيب القضاء قصور في التسبيب أو تجاهل دفاع جوهري أثر في
النتيجة.
( الطعن رقم 3774 لسنه 82 ق جلسة 2019/2/3 )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى