روچينا فتح الله تكتب: الهيئة الوطنية للصحافة.. فكرة عظيمة تحتاج إلى من يليق بها

حين وُلدت فكرة الهيئة الوطنية للصحافة، استقبلها الوسط الإعلامي بتفاؤل كبير، باعتبارها خطوة جادة نحو تنظيم المشهد الصحفي، وضمان استقلال المؤسسات القومية، وإعادة رسم علاقة الدولة بالإعلام على أسس من الشفافية والمهنية.

كانت الفكرة ببساطة عظيمة.. هيئة وطنية تدير لا تُسيطر، تُصلح لا تُعاقب، وتدعم لا تُهمّش.

لكن، وبعد مرور سنوات على تأسيسها، بات السؤال مطروحًا بإلحاح: هل أدّت الهيئة رسالتها كما ينبغي؟ هل أصبحت حقًا مظلة لحماية الصحافة، أم مجرد كيان إداري يكرر ما كنا ننتقده في السابق؟

كثيرون داخل المؤسسات القومية يشعرون بأن الفجوة تتسع بين القرارات الورقية وواقع غرف التحرير، بين الشعارات المعلنة عن التطوير والتحول الرقمي، وبين ما يحدث فعليًا من بطء، وغياب للرؤية، وضعف في الإدارة، فكيف يمكن لكيان أُنشئ ليقود التطوير أن يظل أسير الروتين والبيروقراطية؟

إن الهيئة الوطنية للصحافة تملك صلاحيات كبيرة، وموقعًا بالغ الأهمية في منظومة الإعلام المصري، لكنها تحتاج قبل أي شيء إلى قيادة تؤمن بالعمل الميداني لا بالتصريحات، وبأن دعم المؤسسات القومية لا يكون بالشعارات، بل بالخطط، والتدريب، والتحفيز، وإتاحة الفرصة للأجيال الشابة.

ما نحتاجه اليوم ليس هيئة جديدة، بل روح جديدة داخل الهيئة؛ روح تفهم أن الصحافة تتغير، وأن الأجيال الجديدة قادرة على إحداث فارق لو أُعطيت الفرصة، فالفكرة ما زالت عظيمة… لكن من يتصدر تنفيذها يجب أن يكون على قدر عظمتها.

تبقى الهيئة الوطنية للصحافة فكرة وطنية نبيلة، لكنها — مثل كل الأفكار الكبيرة — لا تنجح إلا إذا وُضع على رأسها من يؤمن بالرسالة أكثر من المنصب، وبالصحافة أكثر من السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى