ديوانية آل حسين التاريخية.. ذاكرة الرياض ونبض الأصالة بقلم الإعلامي: علاء خليل

في زيارتي الأخيرة إلى ديوانية آل حسين التاريخية في مدينة الرياض، وجدت نفسي أمام مشهد حيّ يجسّد عمق التاريخ وثراء الثقافة في قلب العاصمة. لم تكن الزيارة مجرّد لقاء اجتماعي، بل رحلة إلى جذور الموروث السعودي الأصيل، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في لوحة نابضة بالحياة.
تأسست ديوانية آل حسين قبل أكثر من مئة وخمسين عامًا، وتُعد من أقدم وأعرق الديوانيات في مدينة الرياض. كانت وما زالت منارة تجمع أهل الفكر والثقافة والكرم، ومكانًا رحبًا يستقبل كل أبناء هذا الوطن المعطاء، بل وحتى المقيمين من مختلف الجنسيات الذين وجدوا فيها دفء الترحيب السعودي وكرم الضيافة العربية الأصيلة. وتذكرت اللقاءات العديده التى حضرها رموز من ابناء بلدى الغاليه مصر مثل المرحوم حسين حتاته الخبير السياحى والفندقي المعروف والكثير من رموز الجاليه المصريه والذين عبروا عن إعجابهم الشديد بتلك الديوانيه العامرة.
وللديوانية التاريخية مقَران رئيسيان في العاصمة الرياض؛ أحدهما في جنوب الرياض بمنفوحة التاريخية، تلك البلدة العريقة التي ارتبط اسمها بالشاعر العربي الكبير الأعشى ميمون بن قيس، وتُعد من أقدم معالم الرياض وأغناها تاريخًا.
أما المقر الآخر، فيقع في شمال مدينة الرياض، ويضم متحفًا متكاملًا يحتوي على قطع من الموروث والتراث السعودي الأصيل، يحكي مراحل من تاريخ الوطن وتطور المجتمع السعودي عبر العقود.
وقد تشرفتُ بزيارة الموقعين بدعوة من المشرف العام عليها أ. عبدالعزيز الحسين مشكوراً ، وشاهدتُ ما يعكس الجهود الكبيرة في حفظ التاريخ وصون الذاكرة الثقافية والاجتماعية للرياض وللمملكة عامة.
تميزت الديوانية كذلك باهتمامها الكبير بـ اللحمة الوطنية السعوديه وتعزيز الإيجابية، وغرس محبة قادة البلاد في نفوس الزائرين وأبناء المجتمع، من خلال فعالياتها وبرامجها الثقافية والاجتماعية التي تنشر قيم الولاء والانتماء.
ما يميز ديوانية آل حسين ليس فقط قِدمها أو موروثها، بل استمرارها في أداء رسالتها الوطنية والاجتماعية عبر احتضان المبادرات الثقافية والندوات واللقاءات التي تجمع النخبة من مختلف المجالات، تعزيزًا لقيم الوحدة ونشر الوعي والمعرفة.
وأثناء الزيارة، لمستُ ذلك الحس الإنساني الراقي لدى القائمين عليها، الذين فتحوا أبواب الديوانية للجميع دون تمييز، مؤكدين أن الرسالة التي يحملونها تتجاوز حدود العائلة إلى فضاء الوطن الكبير.
حقًّا، ديوانية آل حسين ليست مجرد مجلس عابر، بل مؤسسة اجتماعية وثقافية ووطنية لها حضورها ومكانتها في المشهد السعودي، تمثل نموذجًا فريدًا في الجمع بين الحفاظ على الإرث والتجديد في آنٍ واحد.
خرجت من الزيارة بانطباعٍ عميق، أن هذه الديوانية لم تعد فقط معلمًا من معالم عاصمة المملكة “الرياض ” بل رمزًا وطنيًا تاريخياً وثقافياً يعبّر عن قيم الوفاء والكرم والولاء المتأصلة في هذا الوطن العزيز.