روچينا فتح الله تكتب: سلاح أبيض وألفاظ بذيئة.. هل أصبحت المدرسة بؤرة للعنف؟

كاتبة صحفية

لم نكد نبدأ الأسبوع الأول من العام الدراسي حتى انهالت الأخبار عن مشاجرات وضرب وتنمر داخل المدارس: طالبة تصرخ وتسب زميلاتها في الشارع، أخرى تُصاب بجرح قطعي في يدها من “كتر” زميلها، ومشاجرة بين الأهالي والطلاب أمام مدرسة بالجيزة تحولت إلى ساحة فوضى!.

أسأل نفسي – ومعي كل أم وكل معلمة وكل أب – كيف تحوّل مكان من المفترض أن يكون مصنعًا للعقول والقلوب، إلى ساحة تُشهر فيها الأسلحة البيضاء وتُطلق فيها الألفاظ البذيئة بلا حياء؟

الحقيقة أن العنف المدرسي ليس ظاهرة معزولة ولا وليدة صدفة. ما نراه داخل المدرسة هو انعكاس مباشر لما يحدث في البيت، في الشارع، وفي الإعلام. الطفل الذي لا يجد قدوة في والديه، ولا يجد معلمًا قادرًا على احتوائه، ولا يشاهد على شاشات التلفزيون سوى عنف وابتذال، من الطبيعي أن ينقل هذا السلوك إلى مدرسته.

أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس قال إن “الطفل يأتي إلى المدرسة وهو مثقل بأزمات مجتمعية”.. وأنا أوافقه تمامًا. فكيف نطالب طفلًا يذهب إلى مدرسته وهو جائع أو مُحبط أو فاقد للأمان أن يلتزم بالقواعد ويحترم الآخرين؟

لكن دعوني أكون واضحة: تحميل المسؤولية كاملة للمدرسة خطأ، وإلقاء العبء كله على الأسرة خطأ أكبر. نحن أمام أزمة مجتمعية مركبة. التربية والتعليم معًا غائبان عن المشهد: البيت لم يعد يربي، والمدرسة لم تعد تعلم.

الحل من وجهة نظري يبدأ باستعادة دور “الأم” في التربية، والعودة إلى الإعلام الواعي الذي يقدم قدوة إيجابية للطفل، جنبًا إلى جنب مع إصلاح حقيقي داخل المدرسة: فصول أقل كثافة، معلمون أكثر دعمًا، مناهج مرتبطة بحياة التلاميذ، وبيئة تحترم عقل الطالب بدلًا من تكديسه بمعلومات.

إن دق ناقوس الخطر اليوم ليس مبالغة، بل واجب. فالعنف الذي بدأ بكلمة أو “كتر” في يد طالب، قد يتحول غدًا إلى جريمة أكبر تهدد المجتمع كله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى