مني النمر تكتب: هل الحرب قادمة أم لا …؟!!

في زمن يمتلئ بالتساؤلات والشكوك ، يبقى السؤال الأبرز حاضرا في عقول الناس …
هل الحرب قادمة أم لا ؟!!
سؤال يطرق الأذهان في الجلسات اليومية ، يتردد في المقاهي والبيوت ، وعلى منصات التواصل الاجتماعي …
وبينما الكل يبحث عن إجابة ، تنتشر مئات الإشاعات والتحليلات الخاطئة التي تزيد المشهد ارتباكا بدل أن توضحه …
تحولت السوشيال ميديا لساحة مليئة بالتكهنات ، وأصبح بعض اليوتيوبرز والتيك توكرز يتعاملون مع الأمر وكأنه مادة للتريند ، يصنعون من كل خبر صغير قصة كبرى ، ومن كل تفصيلة بسيطة احتمالاً لحرب شاملة . ما يشغلهم في الحقيقة ليس طمأنة الناس ولا تقديم تحليل موضوعي ، بل جمع أكبر عدد من المشاهدات وزيادة الأرباح ، حتى لو كان ذلك على حساب بث القلق والخوف في نفوس المواطنين …
لكن …
وسط كل هذا الضجيج ، ينسى البعض أن تكرار الكلام لا يحوله إلى حقيقة ، وأن ضخ الخوف في نفوس الناس ليس بريئاً كما نظن …
إنه سلاح قديم من أسلحة الحرب النفسية ، لهزيمة الشعوب قبل أن يطلق أي رصاصة من الخارج …
الخوف الحقيقي ليس في أن تفرض الحرب ، بل في أن يصدق الناس أن الهزيمة قدر محتوم ، وأن يتعايشوا مع فكرة أن المستقبل مظلم لا أمل فيه …
هنا تكمن خطورة الإشاعات ، لأنها لا تدمر فقط الشعور بالأمان ، بل تزرع الخوف و الضعف في النفوس …
ولعل أخطر ما في المشهد أن كثيرا من مروجي هذه الأخبار على المنصات الرقمية ليسوا محللين عسكريين ، ولا خبراء استراتيجيين ، بل مجرد صانعي محتوى كل ما يشغلهم هو جمع أكبر عدد من المشاهدات ، ولو على حساب بث القلق والخوف في نفوس الناس …
ف كلماتهم ليست نتاج معرفة عميقة أو تحليل واقعي ، وإنما محاولات للفرقعة الإعلامية وزيادة الأرباح …!!
ومن الخطأ أن نأخذ هذه الأصوات باعتبارها مرجعاً ، أو أن نصدقها كما لو كانت حقائق قاطعة …
نعم لا ننكر …
حين تسلط الأضواء على خبر بعينه ، من أكبر الجرائد الأمريكية ” وول ستريت جورنال”
عن صفقة الـ 6 مليارات دولار ، و التي تشمل طائرات أباتشي هجومية وناقلات جند …
وأن مصر هدف مباشر لها …
فأصبح يتناقلها البعض كأنها إعلان رسمي للحرب على مصر …
لا ننكر أنها قد تكون رسالة مبطنة أو تهديدية للقيادة المصرية ، ظنا منهم أنها قد تثني مصر عن موقفها العادل من القضية الفلسطينية ، او أي من القضايا الأخرى التي تمس الأمن القومي المصري ، قد يكون هذا …!!
و لكن …
في الحقيقة هي مجرد صفقة ضمن صفقات السلاح العديدة التي لا تتوقف بين أمريكا و إسرائيل منذ عقود …
و لكن …
الحقيقة التي يعرفها المصريون جيداً أن الحرب ليست لعبة ، ولا خبرا ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي …!!
و لأننا شعب ذاق مرارتها عقودا طويلة ، ودفع ثمنها من دم أبنائه ، سواء في سيناء أو في أراض أخرى لم تكن مصر المستفيد الأول من معاركها فيها … لذلك …
نحن نعرف معنى الحرب ، ونعرف أن السلام ليس ضعفا ، بل إختيار واع لبناء الحياة بدل هدمها …
مصر اليوم لا تسعى للحرب ، لأن بوصلتها تتجه نحو البناء والتنمية ، لا نحو الخراب …
لكنها …
في الوقت ذاته ، ليست غافلة ولا ضعيفة …
فمصر تمتلك جيشا يعرف قدره العالم كله ، وجهاز مخابرات يصنف بين الأقوى عالميا ، يقرأ التفاصيل الصغيرة قبل أن تتحول إلى أحداث كبرى …
لم تكن صدفة أن تحذر مصر دولا قبل أن تتعرض لضربات أو مؤامرات ، ولم يكن عبثا أن يعرف خصومها أنها تتابع وتكشف وتستعد في كل لحظة …
ما نراه من صفقات تسليح هنا أو تحالفات هناك ليس جديدا على المشهد العالمي .
بالأمس كانت حرب أوكرانيا ، واليوم محاولات تهجير أهل غزة ، نعلم جيدا ، محاولات دفع أهالى غزة نحو الحدود المصرية ، وتجميع آلاف الغزيين عند المعبر ، ليست إلا أوراق ضغط يراد بها إرباك الموقف المصري ، أو دفع مصر لاتخاذ خطوة الحرب …
قد يظن البعض أن مصر لا ترى ما يخطط لها ، لكن ما يجهلونه أن العين المصرية ساهرة ، وأن كل خطوة تحسب وتراقب …
العالم مليء بالصراعات ، والمصالح تتقاطع …
لكن ذلك لا يعني أن مصر واقفة عاجزة أو منتظرة ضربة تأتيها …
مصر في قلب المشهد ، قوية بحكمتها ، بحساباتها، تدير الأمور بعقل ، ولا تربكه صفقات تعلن في الصحف …
مصر تدرك أن من يبني ويعمر يحتاج إلى أمان ، لكنها تعرف أيضا أن من يقترب من حدودها ، من أرضها ، من حقها ، سيدفع ثمنا أكبر بكثير مما يتخيل …
لهذا …
لا داعي للخوف ولا مجال للانجرار وراء أصوات جاهلة … فالمعادلة واضحة: مصر لا تبحث عن حرب ، لكنها مستعدة لها إن فرضت …
وكل من يظن أن الاقتراب منها سهل ، سيكتشف الحقيقة سريعا…
وهنا يجب أن نطمئن أنفسنا …
فليس كل ما نسمعه حقيقة ، ولا كل ما ينشر واقعا محتوما …
الضوضاء الرقمية قد تصنع وهما ، لكنها لا تصنع مستقبلا … والمواطن المصري أذكى من أن يقاد من وراء الشاشات ، وأقوى من أن يهزمه الخوف …
إن الحرب ، إن فرضت ، لن تكون نزهة ، ولن تكون معركة سهلة ، لكنها أيضا لن تكون كارثة تبيد مصر …
التاريخ يقول إن هذه الأرض لم تعرف يوما الاستسلام ، وإن أي معتد خرج منها خاسرا ، مهما طال الصراع أو قصر …
نعم ، مصر ستدفع ثمنا إذا اندلعت الحرب ، لكن الخاسر الأكبر لن يكون المصريين ، بل من يظن أنه قادر على كسر إرادتهم …
ما بين أخبار الصفقات ، وأصوات المحللين على الشاشات ، وهمسات الشائعات على السوشيال ميديا ، يظل السؤال حاضرا في أذهان الناس … هل الحرب قادمة أم لا …؟!!
والجواب بسيط …
ربما تفرض الحرب يوما ، وربما لا …
لكن المؤكد أن مصر لا تخشاها ، وأن المصري الذي ينهض كل صباح ليبحث عن لقمة عيشه لن يسمح للخوف أن يشل قلبه ، ولا للإشاعات أن تسلبه ثقته في بلده …
فلننظر إذن إلى الحقيقة كما هي … مصر تبني وتتعافى ، لكنها في الوقت نفسه جاهزة لكل احتمال …
و ليتذكر كل مصري أن صوت الخوف العالي على الشاشات ليس انعكاسا لضعفنا ، بل محاولة لزرع التشكك بيننا .
أما الحقيقة …
فهي أن هذه الأرض محروسة ، وأن جيشها وشعبها لا يعرفان الانكسار …
فمن يقترب يخسر …