إسلام محمد سيد أحمد يكتب : هل يبرأ المشتري من العقد إذا لم يقرأ “البنود الصغيرة”؟
المحامي

في عالم المعاملات المدنية، يسود مبدأ جوهري مفاده أن الرضا المُعبر عنه في العقد يُعد مُلزمًا متى كان صادرًا عن إرادة حرة ومُدركة. وقد أكد القانون المدني المصري هذا المبدأ في المادة 91، التي تنص على:
“ينعقد العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بما يقرره القانون من أوضاع معينة لانعقاد بعض العقود.”
ويُفهم من هذا النص أن توقيع المتعاقد على العقد، حتى لو كان دون قراءة جميع بنوده، لا يُعفيه من الالتزام بها، طالما لم يثبت وقوع غش، أو تدليس، أو استغلال من الطرف الآخر.
بمعنى آخر، عندما توقّع على عقد، حتى لو كان يحتوي على “شروط كثيرة بخط صغير”، فإن توقيعك يُعد موافقة منك على كل تلك الشروط. القانون لن يأخذ بـ”ما كنتش واخد بالي” أو “ما قريتش كويس”. لكن إذا استطعت إثبات أن الطرف الآخر خدعك أو أخفى عنك بنودًا جوهرية أو استغل جهلك، هنا فقط يمكن أن تكون لك حجة قوية.
خذ هذا المثال العملي: شخص اشترى سيارة مستعملة بعقد يتضمن شرطًا ينص على “تنازل المشتري عن أي حق في الرجوع على البائع لو اكتشف عيوبًا لاحقًا”. المشتري وقّع بسرعة دون قراءة التفاصيل. بعد أسبوع، اكتشف عيبًا جوهريًا في المحرك. عندما رفع دعوى قضائية، سألته المحكمة: “هل أُجبرت على التوقيع؟ هل أخفى البائع عنك العيب عمدًا؟” وعندما أجاب بالنفي، حكمت المحكمة برفض دعواه، لأن توقيعه يُعتبر قرينة على الموافقة الواعية والكاملة.
هذا الموقف يعلمنا قاعدة قانونية وعملية في غاية الأهمية: التوقيع ليس مجرد إجراء، بل هو التزام كامل. اقرأ كل كلمة في العقد، حتى لو كانت بخط صغير، فذلك يضمن حقوقك ويحميك من أي عواقب غير متوقعة.