إسلام محمد سيد أحمد يكتب: العود في قانون العقوبات المصري: نظرة قانونية
المستشار القانوني

يعتبر مبدأ العود من المفاهيم الأساسية في قانون العقوبات، حيث ينظر المشرع نظرة مغايرة لمن سبق له ارتكاب جرائم وعاد إليها، مما يستدعي تشديد العقوبة في حقه تحقيقًا للردع العام والخاص. ويُعرف العود قانونًا بأنه عودة الجاني لارتكاب جريمة جديدة بعد أن سبق الحكم عليه بعقوبة عن جريمة سابقة، سواء كانت الجريمتان متماثلتين أو مختلفتين، وذلك وفقًا لما ينص عليه القانون.
وقد حدد قانون العقوبات المصري حالات العود في المواد من 49 إلى 54، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
أولًا: يُعتبر عائدًا من سبق الحكم عليه في جناية ثم ارتكب جناية أو جنحة جديدة، سواء كانت مماثلة للجناية السابقة أو مختلفة عنها. في هذه الحالة، يكفي لتحقق وصف العائد أن يكون قد صدر حكم سابق بالإدانة في جناية.
ثانيًا: يُعد عائدًا من حكم عليه بعقوبة الحبس لمدة سنة أو أكثر وثبت ارتكابه جنحة جديدة قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة في الجنحة السابقة أو من تاريخ سقوطها بالتقادم. وتجدر الإشارة إلى أن مدة انقضاء العقوبة تكون خمس سنوات في الأحكام الحضورية وثلاث سنوات في الأحكام الغيابية للجنح.
ثالثًا: يُعتبر عائدًا من حكم عليه بالحبس لمدة تقل عن سنة أو بالغرامة وثبت ارتكابه جنحة مماثلة للجنحة التي حكم عليه فيها قبل مضي خمس سنوات من تاريخ الحكم السابق. وتختلف هذه الحالة عن سابقتها في أن احتساب مدة العود يبدأ من تاريخ الحكم السابق وليس من تاريخ انقضاء العقوبة.
يترتب على تحقق حالة العود سلطة تقديرية للقاضي بتشديد العقوبة، حيث يجوز له أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة، بشرط ألا يتجاوز ضعف هذا الحد. ومع ذلك، وضع القانون سقفًا لهذا التشديد، حيث لا يجوز أن تزيد مدة العقوبة في حالة العود عن السجن المشدد أو السجن لمدة عشرين عامًا.
استثناءات خاصة في جرائم محددة:
خص المشرع جرائم معينة بمعاملة أكثر تشددًا في حالة العود، وذلك نظرًا لطبيعتها وتأثيرها على المجتمع. وتشمل هذه الجرائم على سبيل الحصر: جنح السرقة، أو إخفاء أشياء مسروقة، أو خيانة الأمانة، أو التزوير، أو النصب، وكذلك الشروع في هذه الجرائم.
ففي هذه الحالات، إذا حكم على الجاني بعقوبتين كلتاهما لمدة سنة على الأقل، أو حكم عليه بثلاث عقوبات إحداها لمدة سنة على الأقل، ثم ارتكب إحدى الجنح المذكورة، فإن القاضي يملك سلطة الحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، دون التقيد بأي قيود زمنية في العود.
وفي هذه الحالة تحديدًا، إذا رأت المحكمة أن المتهم معتاد الإجرام واستشعرت من ماضيه وحالته وجود احتمال لارتكابه جريمة جديدة، فلها بدلًا من الحكم بالأشغال الشاقة أن تحكم بإيداعه إحدى مؤسسات العمل التي ينظمها قرار من رئيس الجمهورية، ويفرج عنه بقرار من وزير العدل، على ألا تتجاوز مدة الإيداع ست سنوات.
أما إذا كان المتهم قد ارتكب جريمة وهو عائد وحكم عليه بالأشغال الشاقة لهذه العودة أو لكونه معتاد الإجرام، فللمحكمة أن تحكم بإيداعه إحدى المؤسسات لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، وذلك إذا ارتكب جنحة من جنح السرقة أو إخفاء المسروقات أو التزوير أو النصب أو خيانة الأمانة أو الشروع في أي منها، وذلك خلال سنتين من تاريخ الإفراج عنه.
ختامًا، يتبين أن قانون العقوبات المصري يولي اهتمامًا خاصًا بمسألة العود، ويضع ضوابط وإجراءات تهدف إلى مكافحة تكرار الجرائم وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع. وتمنح هذه النصوص القانونية القاضي سلطة تقديرية واسعة في التعامل مع العائدين، مع وضع حدود لضمان عدم التعسف في تطبيق العقوبة.