شريف الريس يكتب: كيف نتخطى التحرش

تترك تجربة التحرش الجنسي آثارًا عميقة على نفسية الطفل ونموه، وقد تستمر هذه الآثار لفترة طويلة ما لم يتلقي الطفل الدعم المناسب. وإن تجاوز هذه المحنة ليس رحلة سهلة، ولكنها تصبح ممكنًا بتضافر جهود الأهل والمجتمع، وفي القلب من هذا الدعم يقع دور الأبوين المحوري والإيجابي.

دور الأبوين: ملاذ الأمان والدعم

يمثل الأبوان بالنسبة للطفل مصدر الأمان الأول والثقة المطلقة. لذا، فإن رد فعلهما عند الكشف عن تعرض الطفل للتحرش الجنسي يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار تعافيه. من الضروري أن يستقبل الأبوان الخبر بهدوء وتفهم، وتجنب إظهار الغضب أو الذعر الذي قد يزيد من شعور الطفل بالذنب أو الخوف.

يكمن الدور الأساسي للأبوين في:

  • الاستماع والتصديق: يجب على الأبوين الاستماع إلى الطفل بإنصات وتقدير مشاعره دون تقليل أو تشكيك في روايته. تصديق الطفل هو الخطوة الأولى نحو شفائه وإشعاره بالأمان.
  • توفير بيئة آمنة وداعمة: يجب خلق جو من الثقة والأمان في المنزل يشجع الطفل على التعبير عن مشاعره بحرية دون خوف من اللوم أو العقاب.
  • الحصول على المساعدة المتخصصة: من الضروري التوجه إلى أخصائيين نفسيين واجتماعيين لديهم خبرة في التعامل مع حالات التحرش الجنسي للأطفال. يمكن للمعالجين تقديم الدعم النفسي اللازم للطفل ومساعدته على معالجة الصدمة وتطوير آليات التكيف الصحية.
  • تعزيز ثقة الطفل بنفسه: قد يشعر الطفل الناجي من التحرش بالخجل أو الدونية. لذا، يجب على الأبوين التركيز على نقاط قوة الطفل ومواهبه وتشجيعه على ممارسة الأنشطة التي يحبها لتعزيز شعوره بالقيمة الذاتية.
  • التواصل المستمر: يجب على الأبوين الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع الطفل، والتأكد من أنه يشعر بالدعم والحب غير المشروط في كل خطوة من خطوات تعافيه.

دور الإعلام: مسؤولية التوعية والحماية

يقع على عاتق وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في معالجة قضية التحرش الجنسي بالأطفال بشكل مسؤول وحساس. يمكن للإعلام أن يلعب دورًا فعالًا في:

  • التوعية والتثقيف: تسليط الضوء على خطورة التحرش الجنسي وآثاره المدمرة على الأطفال، وتوعية الجمهور بالعلامات التي قد تدل على تعرض الطفل للإيذاء وكيفية الإبلاغ عن مثل هذه الحالات.
  • مكافحة الوصم: العمل على تغيير الصورة النمطية للناجين من التحرش وكسر حاجز الصمت المحيط بهذه القضية، وتشجيع الضحايا على طلب المساعدة دون خوف من العار أو اللوم.
  • تقديم نماذج إيجابية: عرض قصص لناجين تمكنوا من تجاوز تجربتهم الصعبة بمساعدة الدعم المناسب، مما يعطي الأمل للآخرين ويشجعهم على طلب المساعدة.
  • المساهمة في تغيير القوانين والسياسات: الضغط من أجل سن قوانين أكثر صرامة لحماية الأطفال من التحرش وتوفير آليات فعالة لدعم الضحايا ومحاسبة الجناة.
  • تجنب الإثارة والتشويه: يجب على وسائل الإعلام تجنب نشر التفاصيل المثيرة أو الصور التي قد تسيء للضحايا أو تعيد إيذائهم، والتركيز على الجوانب التوعوية والعلاجية للقضية.

في الختام، إن تجاوز الطفل لتجربة التحرش الجنسي يتطلب تضافر جهود الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام. من خلال الدعم الحنون والمستمر من الأبوين، والتوعية المسؤولة من الإعلام، يمكن مساعدة الأطفال الناجين على التعافي واستعادة حياتهم وبناء مستقبل أكثر إشراقًا وأمانًا.

{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى