صفوت بسطا يكتب: تربص مخيف

يعاني مجتمعنا حالياً من ظاهرة خطيرة يمارسها بعض الناس بشكل مخيف، وهي ظاهرة التربص بأخطاء الآخرين، وهو ما يتسبب في فساد العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء والجيران، وتصل خطورتها في بعض الأحيان إلى فساد العلاقة بين قطبي المجتمع من مسيحيين ومسلمين.
والتربص بأخطاء الآخرين يعني مراقبة تصرفاتهم بتَرَصُّد شديد، لا لشيء إلا لاكتشاف الزلات والهفوات، من أجل انتقادهم أو التشهير بهم، ليشعر الشخص المتربص بتفوقه عليهم. وغالباً ما يكون دافعه هو شعوره بالنقص، أو رغبة منه في السيطرة، أو غيرة من نجاحات الآخرين.
وللأسف، ساهم وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الملايين بلا أية ضوابط في جعل ظاهرة التربص أخطر بكثير. فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان ساحات للتربص والتشهير، رغبة من هؤلاء المرضى في الشهرة أو زيادة التفاعل على صفحاتهم، خاصة إذا كان الخطأ له طرفان: أحدهما مسيحي والآخر مسلم، فهو مادة دسمة للمتعصبين من الطرفين، وزيادة التفاعل والتعليقات التي تصل في بعض الأحيان إلى ازدراء الأديان.
ولابد أن نشير هنا إلى بعض الآثار السلبية لظاهرة التربص، فهي تؤدي إلى التفرقة، والخصومات بين الناس، وتُشعل نار الخلافات، وتؤدي إلى الجفاء والانقطاع بين أفراد الأسرة الواحدة.
فعند شعور الشخص المراقب بأنه مستهدف، فإنه يفقد أمانه النفسي ويتحول إلى إنسان متحفظ، لا يحاول تقديم أي عمل قد يكون مفيداً لمن حوله أو الإبداع في مجال معين خوفاً من الوقوع في خطأ يتم تضخيمه.
فلابد من وجود حل لتلك المشكلة لما لها من آثار سلبية على المجتمع بشكل عام، وعلى الترابط الأسري وعلاقات الجيرة والصداقة وعلاقات العمل بشكل خاص.
لذلك لابد من وجود علاج لتلك الظاهرة التي تسببت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشارها. ويجب أن نمتلك ثقافة المحبة وحسن الظن بالآخرين، والتماس الأعذار لهم، والتركيز على مميزاتهم، وتقدير جهودهم، وتشجيعهم على المحاولة دون الخوف من النتائج. وعلينا أن نتذكر جميعاً أننا بشر معرضون للخطأ، وأن نعلم جيداً أن تصيد أخطاء الآخرين لن يفيدنا في تطوير أنفسنا، لكن التركيز على ذواتنا وتنمية مهاراتنا فقط هو ما يفيدنا.
وفي النهاية، علينا التفريق جيداً بين النقد البناء والنصيحة الصادقة والتربص. فالنصيحة تقدم بلطف، والمقصود منها الإصلاح والتشجيع، لا الإزعاج أو المضايقة. أما التربص فهو البحث عن أخطاء وهفوات وزلات الآخرين، لإحراجهم وإظهارهم بشكل غير لائق.