د. مصطفى كمال بدوي يكتب : اَلْتَّحَرُّشُ اَلْجِنْسِيُّ: نَاقُوسُ خَطَرٍ يُهَدِّدُ بَرَاءَةَ أَطْفَالِنَا

فِي ظِلِّ تَفَاقُمِ حَوَادِثَ صَادِمَةٍ طَالَتْ أَطْفَالًا دَاخِلَ مُؤَسَّسَاتٍ يُفْتَرَضُ أَنْ تَكُونَ حَاضِنَاتِ أَمَانٍ وَتَعْلِيمٍ، لَمْ يَعُدْ مِنَ الْمَقْبُولِ اَلصَّمْتُ أَوِ اَلتَّهَاوُنُ.

اَلتَّحَرُّشُ اَلْجِنْسِيُّ بِالْأَطْفَالِ لَيْسَ مُجَرَّدَ سُلُوكٍ مُنْحَرِفٍ، بَلْ جَرِيمَةٌ تُرْتَكَبُ فِي اَلْخَفَاءِ، تَهْدِمُ اَلْكِيَانَ اَلنَّفْسِيَّ لِلطِّفْلِ، وَتَتْرُكُ أَثَرًا غَائِرًا فِي وَعْيِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ.

لَقَدْ آنَ اَلْأَوَانُ لِكَيْ نَكُفَّ عَنْ اَلتَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ اَلْقَضِيَّةِ بِوَصْفِهَا “حَالَاتٍ فَرْدِيَّةً”، وَنَتَعَامَلَ مَعَهَا بِاعْتِبَارِهَا أَزْمَةً تَرْبَوِيَّةً وَمُجْتَمَعِيَّةً تَسْتَدْعِي تَدَخُّلًا فَوْرِيًّا وَشَامِلًا.

اَلتَّحَرُّشُ اَلْجِنْسِيُّ بِالْأَطْفَالِ: اَلْمَفْهُومُ وَالْخَطَرُ

اَلتَّحَرُّشُ اَلْجِنْسِيُّ بِالْأَطْفَالِ هُوَ أَيُّ سُلُوكٍ يَحْمِلُ طَابِعًا جِنْسِيًّا يُمَارَسُ تُجَاهَ طِفْلٍ دُونَ رِضَاهُ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى اَلْفَهْمِ أَوِ اَلْمُوَافَقَةِ، سَوَاءً عَبْرَ اَللَّمْسِ، أَوِ اَلْكَلِمَاتِ، أَوِ اَلْإِيمَاءَاتِ، أَوْ عَبْرَ اَلْوَسَائِطِ اَلرَّقْمِيَّةِ.

وَتَتَفَاقَمُ خُطُورَتُهُ حِينَ يُرْتَكَبُ مِنْ شَخْصٍ فِي مَوْقِعِ ثِقَةٍ أَوْ سُلْطَةٍ، مِثْلَ اَلْمُعَلِّمِينَ، أَوِ اَلْمُدَرِّبِينَ، أَوْ حَتَّى اَلْأَقَارِبِ.

مُؤَشِّرَاتُ اَلْخَطَرِ: لِمَاذَا نَسْتَشْعِرُ اَلْقَلَقَ

مَا وَقَعَ مُؤَخَّرًا دَاخِلَ بَعْضِ اَلْمُؤَسَّسَاتِ اَلتَّعْلِيمِيَّةِ، يُؤَكِّدُ أَنَّ اَلْخَطَرَ لَمْ يَعُدْ نَظَرِيًّا، بَلْ أَصْبَحَ وَاقِعًا يُهَدِّدُ أَطْفَالَنَا فِي أَمَاكِنِ تَعَلُّمِهِمْ، بِسَبَبِ غِيَابِ اَلرَّقَابَةِ، أَوْ ضَعْفِ اَلتَّأْهِيلِ اَلتَّرْبَوِيِّ وَالنَّفْسِيِّ لِلْقَائِمِينَ عَلَيْهَا.

دَوْرُ اَلْأُسْرَةِ: اَلْوِقَايَةُ تَبْدَأُ مِنَ اَلْبَيْتِ

تَتَحَمَّلُ اَلْأُسْرَةُ اَلرُّكْنَ اَلْأَسَاسِيَّ فِي حِمَايَةِ اَلطِّفْلِ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ تَوْفِيرُ اَلْأَمَانِ اَلْمَادِّيِّ، بَلْ يَجِبُ بِنَاءُ وَعْيِهِ وَتَقْوِيَةُ شَخْصِيَّتِهِ:

١. فَتْحُ قَنَوَاتِ اَلتَّوَاصُلِ 

يَجِبُ أَنْ يَشْعُرَ اَلطِّفْلُ بِالْأَمَانِ فِي اَلْحَدِيثِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُعَاقَبَ عَلَى صِرَاحَتِهِ.

٢. اَلتَّثْقِيفُ اَلْجِنْسِيُّ اَلْمُبَكِّرُ

بِمَا يُنَاسِبُ عُمْرَ اَلطِّفْلِ، نُعَرِّفُهُ بِأَجْزَاءِ جَسَدِهِ، وَحُدُودِ اَلْخُصُوصِيَّةِ.

 ٣. تعْزِيزُ حَقِّ اَلرَّفْضِ

نُعَلِّمُهُ أَنْ يَقُولَ “لَا” لِأَيِّ تَصَرُّفٍ يُزْعِجُهُ، وَأَنْ يُبَلِّغَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَوْرًا.

٤. رَصْدُ اَلتَّغَيُّرَاتِ اَلسُّلُوكِيَّةِ

كالانسحاب، أَوِ اَلْخَوْفِ، أَوِ اَلْعُدْوَانِيَّةِ، فَهِيَ مُؤَشِّرَاتٌ لَا تَجِبُ اَلتَّغَافُلُ عَنْهَا.

عِنْدَ وُقُوعِ اَلضَّرَرِ: كَيْفَ نَتَصَرَّفُ؟

– اَلْهُدُوءُ وَالِاحْتِوَاءُ: لَا تَصُبَّ غَضَبَكَ عَلَى اَلطِّفْلِ.

– اَلتَّصْدِيقُ وَالدَّعْمُ: تَصْدِيقُ اَلطِّفْلِ يُعِيدُ لَهُ ثِقَتَهُ.

– طَلَبُ اَلدَّعْمِ اَلنَّفْسِيِّ: اَلْمُخْتَصُّونَ هُمْ خَيْرُ عَوْنٍ فِي هَذِهِ اَلْحَالَاتِ.

– التصعيد القانوني: لِمُعَاقَبَةِ اَلْجَانِي وَرَدْعِ غَيْرِهِ.

اَلْمُجْتَمَعُ شَرِيكٌ فِي اَلْمَسْؤُولِيَّةِ

– قَوَانِينُ رَادِعَةٌ: تُجَرِّمُ وَتُحَاسِبُ بِلَا تَسَاهُلٍ.

– مُؤَسَّسَاتٌ آمِنَةٌ: تَتَّبِعُ سِيَاسَاتِ حِمَايَةٍ وَرَقَابَةٍ.

– إِعْلَامٌ مُلْتَزِم: يَتَنَاوَلُ اَلْقَضِيَّةَ بِمِهْنِيَّةٍ وَاحْتِرَامٍ.

خَاتِمَةٌ

فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُنْتَهَكُ فِيهَا جَسَدُ طِفْلٍ، يُقْرَعُ نَاقُوسُ اَلْخَطَرِ فِي ضَمِيرِ اَلْأُمَّةِ.

اَلصَّمْتُ لَمْ يَعُدْ خِيَارًا، وَالْوَعْيُ وَالْحِمَايَةُ أَصْبَحَا وَاجِبًا.

فَلْنَكُنْ صَوْتَ أَطْفَالِنَا، وَدِرْعَهُمْ فِي وَجْهِ مَنْ يُهَدِّدُ بَرَاءَتَهُمْ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى