مني النمر تكتب: “خلف الكاميرات ” من يعبث بعقولنا …؟!!

في زمن أصبحت فيه الصورة هي الحكم ، لم يعد النجاح مقترنا بالقيمة أو الموهبة أو الإجتهاد ، بل بات مرتبطا بمدى الإبهار ، بالغرابة ، بالخروج عن المألوف …
وأحياناً بالخروج عن الأخلاق …!!

ف نرى اليوم نماذج كثيرة تتصدر المشهد ، لا لأنها قدمت فكراً ، بل لأنها أثارت الجدل ، خلقت صدمة ، ولفتت الأنظار …
لم يعد المجتمع يحتفي بالقدوة الحقيقية ، بل بات يصفق للزيف ، ويمنح الشهرة لمن لا يستحقها …
وهنا تكمن الكارثة: حين يروج لنماذج شاذة فكريا وأخلاقيا ، ويتم تسويقها على أنها مثال للنجاح ، للسعادة ، وللحياة “التي تستحق أن تعاش” ، فنجد أنفسنا أمام جريمة فكرية كاملة الأركان …

نتحدث هنا عن تسويق شيطاني ، يضرب القيم والثوابت ، ويفرغ المجتمع من الدين ، الأخلاق ، و الإنتماء …
يتم ذلك عبر قنوات إعلامية ، و منصات رقمية ، وحتى عبر برامج تبدو بريئة لكنها في الحقيقة تصنع قدوات زائفة .

وراء هذه النماذج المصدرة ، لا تقف فقط الرغبة في الشهرة أو الإنتشار ، بل أموال لا نعرف مصدرها ، ونوايا لا تعلن عن نفسها بوضوح .
ف هناك شبهات تدور حول تجارة المخدرات و غسيل الأموال ، حول تمويل ضخم لأنواع محددة من المحتوى ، تهدف إلى تدمير بنية المجتمع الفكرية من الداخل …

فنجد تصميم مستميت على تفتيت العقل الجمعي للمجتمع ، وتفكيك للقيم ، وتسطيح متعمد لكل ما هو عميق و محترم .
فحين تفتح الأبواب و الأبواق أمام من لا مهنة له سوى إثارة الجدل ، وتغلق في وجه أصحاب الفكر والمبادئ ، فاعلم حينها أن هناك من يمول لهذا الخراب … ويصمم على تصديره ، فالموضوع أكبر من مجرد ترفيه فارغ ، بل تفكيك لمنظومة القيم ، وتغييب العقول ، وضرب ثوابت المجتمع ،

بتقديم النموذج الأسوأ كأنه الطريق الأسهل .”

كلنا تابعنا قصة الإعلامية سارة خليفة
مذيعة في قناة معروفة تتصدر المشهد ، تظهر كمثال للنجاح والظهور والأناقة …

و التى تم القبض عليها في قضية مخدرات كبرى ، و انحرافات أخلاقية و التى سوف يكشف عنها مع انتهاء التحقيقات …
هذا ما يتم تصديره لنا من أشخاص و أفكار بثقافات خربة ، بتلميع من لا قيمة لهم على أنهم القدوة في النجاح ، و لم لا ما دامت تمتلك الخلطة الرهيبة ” مال ، معارف ، مقومات جمالية …!”.

القضية ليست فقط في سقوطها ، بل فيمن خلفها هى و أمثالها …
وما سارة إلا مثال واحد … من قائمة طويلة ، قد لا تظهر للعلن إلا بعد فوات الأوان …

و على الجانب الآخر نرى أيضا برامج تبث على قنوات خاصة تروج للخرافات ، للجن ، للسحر ، الكائنات الفضائية ، و تغلف هذا الهراء بعباءة “الروحانيات”، و علوم ما وراء الطبيعة ، و غيرها … بينما الهدف الحقيقي هو تغييب العقل ، وإبعاد المنطق ، واستبدال

التفكير بالخوف والتعلق بالأوهام …

أضف إلى ذلك موجة من اليوتيوبرز و التيك توكرز الذين يقدمون محتوى فارغا من المعنى ، لكنه مليء بالاستفزاز والانحلال ، ويتلقون بالمقابل دعما هائلا من المتابعين والرعاة ، دعما لا يفسر …
دعما لا يبدو بريئا أبدا ، ليصبحوا في عيون الشباب “رموزا” للنجاح …

إن الأمر لجلل ، لذا يبقى دور الدولة والرقابة هو الحصن الأخير في مواجهة هذا الانفلات الإعلامي ، من خلال تفعيل أدوات المتابعة و المحاسبة ، وتشديد الرقابة على المحتوى المقدم ، سواء عبر القنوات الخاصة أو المنصات الإلكترونية …
فلا بد من قوانين واضحة ، وتطبيق صارم يمنع تصدير النماذج السلبية كقدوة ، و يعيد ترتيب المشهد بما يليق بعقول الشباب ، وبما يحفظ هوية المجتمع وقيمه .

في النهاية …
تظل أنت صاحب القرار ، إما أن تتمسك بهويتك ، قيمك ، و أخلاقك ، أو تترك لهم زمام عقلك يقودونه حيث يشاؤون …
فاختر ما يليق بك …

بلا فلاتر ، ولا مؤثرات ، ولا تمويل مريب …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى