محمد مطر يكتب: إلى روح الأستاذ

“نريد أن نعيش من مهنتنا بعيدًا عن الأخوة قطاع الطرق الذين يسرقون مهنيتنا، ولن تعرف ذلك قبل أن تكون صحفيًا كاملًا متكاملًا، لكيلا تتقلص أحلامك في هذا العالم، لكن هل ترى هذا ممكننًا بعد أن رأينا الكذب يتصدر المشهد العالمي، ونحن نعمل ها هنا إلى تصحيح وتعديل هذا المسار فهل ستفلح مساعينا؟ هذا ما ستجيب عنه قادم الأيام، لأن الحق وقوله عمل شاق”.
كانت هذه كلماته الأولى لنا “لكل من يسعى إلى تحقيق حلمه بالكتابة بشكل أفضل، وتطور مستمر” في محاضراته لنا في دورة تمهيدية للالتحاق كأعضاء في نقابة شاهدة على تاريخ الأمة ويسمونها “نقابة الصحفيين”، وهو الرجل الذي أعجبني بفصاحته اللغوية، واستشهاده بالأحاديث النبوية، وآيات الله العلية، واليوم أكتب في رحيله مواسيًا نفسي والأصدقاء من الصحفيين الذين تتلمذوا على يديه، أو حتى سمعوا عنه.
عجبًا لأمر هذا الرجل، فقد كان يقف على شفا الموت، وما زالت مخيلته الإبداعية تبني احتمالات جديدة، بوعي منحه الكثير من الأحمال التي لا يستطيع أن يتحملها حيوان حقل، كل هذا لأجل أن ينتهي الصراع، والتذمر،
والكره، والحسد، واللوم، والتقليد الأعمى، وينعم الجميع بالتعاون، والرضا، والحب، والتسامح، لأجل أن يكون الصحفيون متكاملون، واليوم بعد رحيله صارت ذكرياته، وأفكاره الحرة عن التغيير الكامل، مقدسة للجميع، فقد كانت نفسه متعطشة للتناغم مع الحياة والمُثل التي يريد تطبيقها، في العدل والخير والحرية المسئولة، بعيدًا عن الإخوة قطاع الطرق، كطير في الريح، أو شجرة لم يسقط اسمه عنها، زاخرًا بالعواطف القوية، والتفجر الإيجابي لكل ما ومن حوله، مما عزز شغفه الفكري للحقيقة بوعي وضمير، شارحًا لمجتمعه، بكلماته وإيقاعاته، المسائل التي لا يستطيع غيره أن يفصح عنها لتلاميذه من الصحفيين، لكيلا يقعوا كما المجتمع ضحية التضليل المتعمد للذاكرة، أو تلفيق الحقائق، وقد كانت مفرداته مصممة بشكل ماتع للغاية، بحيث يمكنها الوصول إلى ذهن القارئ قبل فهمها، حتى أصبح رمزًا إنسانيًا له بصمته المميزة، ودفاعه المستميت عن الحق وقوله، دون أن يخشى لومة لائم، أو نقمة ناقم، ولم تشاهد الصفوة بعده محاولات أكثر اكتمالًا أو تألقًا.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…