د. مصطفى كمال بدوي يكتب: التحرش الجنسي في ضوء مسلسل “لام شمسية”: دراما تفضح المسكوت عنه

في عالم الدراما، هناك أعمال تتسلل إلى أعماق المجتمع، تكشف حقائقه، وتطرح تساؤلات جريئة. مسلسل “لام شمسية” لم يكن مجرد قصة درامية عابرة، بل كان مرآة عكست واقعًا صادمًا عن التحرش الجنسي، وهو موضوع لطالما كان محاطًا بالصمت والخوف.
الدراما كأداة لكسر الصمت:
قدم المسلسل معالجة جريئة لقضية التحرش الجنسي، ليس فقط من خلال إظهار المعاناة الفردية للضحايا، بل من خلال تسليط الضوء على البيئة الاجتماعية التي تسهم في تفشي الظاهرة، فقد أظهر كيف يمكن أن يحدث التحرش في أماكن يفترض أن تكون آمنة، مثل المدارس أو أماكن العمل، وكيف أن السكوت عن الجريمة يشجع المعتدين على التمادي.
انعكاس الواقع في شخصيات المسلسل
تميز “لام شمسية” بتقديم شخصيات تعكس أطيافًا مختلفة من المجتمع، فمنهن الضحية الصامتة التي تخشى الفضيحة، ومنهن القوية التي تقاوم رغم الصعوبات، وأيضًا الشخصيات التي تغض الطرف عن الجرائم بحجة “عدم إثارة المشاكل”. هذه التباينات جعلت المشاهد يدرك مدى تعقيد القضية وصعوبة المواجهة.
التحرش: مشكلة اجتماعية تتجاوز الأفراد
التحرش الجنسي ليس مجرد تصرف فردي منحرف، بل هو انعكاس لثقافة مجتمعية تحتاج إلى إعادة نظر. فوجود أعذار للمتحرش، مثل لوم الضحية أو تبرير السلوك بملابسها أو تصرفاتها، يعكس خللًا في التفكير الجمعي. كما أن الخوف من الفضيحة أو الانتقام يجعل العديد من الضحايا يترددون في الإبلاغ، مما يزيد من انتشار الظاهرة.
المسؤولية لا تقع على الضحايا فقط، بل على المجتمع بأسره، بدءًا من الأسر التي يجب أن تربي أبناءها على احترام الآخر، مرورًا بالمؤسسات التي يجب أن توفر بيئة آمنة، وصولًا إلى القوانين التي ينبغي أن تكون أكثر حزمًا في معاقبة المتحرشين.
رسالة إلى المجتمع: متى ينتهي الصمت؟
أهم ما يمكن استخلاصه من “لام شمسية” هو أن التحرش ليس مجرد حادث فردي، بل ظاهرة تتطلب مواجهة مجتمعية شاملة. فالسكوت عن الجريمة يجعلها تتكرر، والتجاهل يخلق بيئة خصبة للمعتدين. المطلوب هو ثقافة دعم الضحايا، وتوفير قوانين صارمة لحمايتهن، وتوعية مجتمعية تمنع وقوع الجريمة من الأساس.
في النهاية، يبقى السؤال: هل سنظل نعتبر التحرش أمرًا عابرًا، أم سنستخدم أصواتنا – كما فعل صناع الدراما – لكشف الحقيقة وإحداث التغيير؟