مني النمر تكتب: بين التشكيك … و التكفير …!!!

عندما يحل شهر ربيع الأول من كل عام ، يتجدد الجدل الدائر حول الإحتفال بالمولد النبوي الشريف …!!!

ما بين مؤيد يعتبر هذا اليوم مناسبة عظيمة لإحياء ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومعارض يرى في الإحتفال بدعة و ضلالة يجب الإبتعاد عنها ، و التي تصل في بعض الأحيان إلى التكفير و التحريم …!!!

فما حقيقة هذا الجدل …؟
وما الأسس التي يعتمد عليها كلا الطرفين في طرح وجهات نظرهما …؟

بداية …
لا بد من فهم جذور الخلاف …
فالفريق المعارض للاحتفال بالمولد النبوي يستند إلى فكرة أن الإحتفال بهذا اليوم لم يأتِ ذكره في السنة النبوية أو في عهد الخلفاء الراشدين ، وبالتالي يعتبرونه بدعةً محدثة ،
من هذا المنطلق يردد البعض …

قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
“من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” …

ويرون أن إضافة أي شكل من أشكال العبادة أو الاحتفالات التي لم تكن موجودة في زمن النبي ، هو تجاوز للحدود الشرعية وبدعة محرمة …!!!

استناداً إلى مبدأ أن السنة النبوية والأحاديث الصحيحة لم تأتي بأي ذكر للاحتفال بهذا اليوم …
بالتالي …
فإن أي فعل لم يرد ذكره في القرآن أو السنة ، يعد بدعة …

بل وصل الأمر إلى حد تكفير من يشارك في الاحتفالات أو يعتبر المولد النبوي مناسبة دينية تستحق الإحتفال …

في المقابل …

يأتي فريق من العلماء والفقهاء الذين يرون في الإحتفال بالمولد النبوي الشريف أمرًا جائزًا بل ومستحبًا …

هؤلاء يؤكدون أن الهدف من الإحتفال ليس ابتداع عبادة جديدة أو تقليد طقوس مبتدعة …

“بل هو تعبير عن الحب و الاحترام للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وتذكير الأمة بسيرته العطرة ودوره العظيم في نشر رسالة الإسلام ” …

و دليلهم على ذلك …

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر في أحاديثه عن فضل “يوم الاثنين” ، وهو اليوم الذي وُلد فيه …

فقد ورد في حديث صحيح أن النبي كان يصوم يوم الاثنين ، ولما سئل عن السبب …
أجاب …
“ذلك يوم وُلدتُ فيه”. من هنا …
يعتبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار ضمنيا إلى أهمية هذا اليوم ، وبالتالي فإن الإحتفال به بطريقة شرعية تعبر عن الحب والتقدير للنبي لا يتعارض مع الدين …

إلى جانب ذلك فإن ليست كل بدعة تكون سيئة أو ضلالة و هذا ما جاء على لسان الفاروق عمر …

حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جمع المسلمين على صلاة التراويح في جماعة خلال رمضان …

“وهو ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بانتظام ” …

عندما رأى الناس مجتمعين في المسجد لصلاة التراويح، قال عمر: …
“نِعْمَت البدعة هذه”

وفي هذا السياق أيضاً يُطرح سؤال منطقي:
لماذا يحرم الإحتفال بمولد النبي بينما نجد أن بعض العلماء أجازوا الإحتفال بمناسبات دينية أخرى لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم …
مثل
” ذكرى الإسراء والمعراج أو الهجرة النبوية “…!!!؟

ف إذا كان الهدف من هذه المناسبات هو تذكير الأمة بالأحداث العظيمة في تاريخ الإسلام ، فلماذا يعتبر الاحتفال بمولد النبي خروجًا عن الدين …!!!؟
معتبرين أن أي عمل يؤدي إلى مصلحة عامة أو ينشر الخير بين الناس يمكن أن يعتبر بدعة حسنة …

لكن …
يبقى السؤال قائمًا …

هل يمكن أن يتحول هذا الإحتفال إلى بدعة …؟
هذا هو السؤال الأهم …
نعم يمكن …
إذا أضيفت إليه أمور غير شرعية …
مثل إضافة أي تجاوزات أو مخالفات شرعية وهذا يتفق عليه الجميع بوجوب رفضه و تجنبه …

و عليه لا يرى العلماء للاحتفال بالمولد النبوي ضررًا في تخصيص يوم للاحتفاء به طالما أن الأمر يتم ضمن الحدود الشرعية ودون تجاوزات …

في النهاية …

ما بين التشكيك والتكفير …!!!
يظل النقاش حول الإحتفال بالمولد النبوي موضوعًا معقدًا …

ولكن يجب أن يكون بعيدًا عن التطرف أو التكفير …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى