د الرشيد محمد إبراهيم يكتب: التحالفات الدولية والتوازن الاستراتيجي في أفريقيا ١ _3

استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

النظرية العامة للاحلاف العسكرية
الاحلاف في السياسة الدولية لها اسباب وأهداف ومنطلقات تمثل جوانب سياسية واقتصادية وأمنية والأخيرة هذه تمثل السمة الابرز في تاريخ العالم لأنها تقوم على النظرية العامة للاحلاف العسكرية التي لها مفهوم اساس عماده نظرية القوة كما لها اجآل وهياكل لتفيذ الأهداف وآلية لإدارة تباينات مصالح الدول الأعضاء في الحلف المشترك و ميثاق يؤطر ويحكم العلاقات البينية للحلفاء وأهم مادة و مبدأ هو الدفاع المشترك وان اي عدوان على اي دولة عضوء في الحلف هو عدوان على كل دول الحلف وربما جاءت تسمية الكتلة شرقية (وارسو) وغربية (الناتو) من هذا المنطلق.

تاريخ الاحلاف ضارب في القدم فنجد حلف الفضول في الجاهلية الأولى والحلف المركزي او حلف بغداد وحلف الانزوس والسيتو والحلف المقدس والرباعي وصولا لمرحلة نشوء الدولة القومية في معاهدة وستفاليا وقبيل وأثناء وبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية شهد العالم مجموعة من الاحلاف العسكرية والسياسية حتى عرفت تلك الفترة بجنون او هوس الاحلاف فكان حلف وارسو والناتو كاخر نسخة من تلك التحالفات والكتل ودائما هنالك رابط بين التحالفات وطبيعة وشكل النظام الدولي سوأ كان قطبي ام احادي ام متعدد الاقطاب والأخير هو ما يبدو أن العالم متوجه نحوه بقوة.
الاحلاف لها مشروعية في القانون الدولي وهو في حقيقته قانون للعلاقات الدولية ويستند على الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطي الدول مجتمعة او منفردة حق الدفاع الشرعي ورد العدوان وكثيرا ما لجات أمريكا لذلك فكونت مع أوربا في الحرب العالمية الثانية دول الحلفاء ضد دول المحور بقيادة ألمانيا وإيطاليا وحكومة العسكر في اليابان. وكررت ذلك في حرب العراق أفغانستان وحرب فلسطين مستعينة بحلف الناتو كمنظمة للذراع السياسي للحلف وحتى ضربات الناتو في ليبيا ايام القذافي وثورات الربيع العربي الذي اخذ التسمية من ربيع براغ.

مؤشرات التحول نحو النظام العالمي الجديد متعدد الاقطاب.

قد يتساءل القارىء عن ان التغيرات في النظام الدولي مربوطة بالحرب منذ الحرب العالمية الأولى والثانية فكيف سيكون الانتقال من النظام الاحادي الي نظام متعدد الاقطاب دون حرب كونية وهزة عنيفة والمعروف ان التحولات الكبيرة لا تحدث بصورة سلسة وهذه لها أصلها في العلوم الرتق والفتق وخمود النار والاخدود العظيم.
ولكن هذه أيضا حاضرة ولكن وفق مستوى مختلف ربما لتطور مستوى الإدراك والفهم العالمي لتطور تقنية الحروب واسلحة الردع والدمار الشامل وما تمثله من خطر وتهديد للكل وهي تتوزع على نطاق تعدد دول النظام الدولي الجديد.
سلسلة المقالات ليس بصدد مناقشة فكرة التنظيم الدولي في النظام العالمي فهي ثابته بقدر ما سيذهب نحو صيرورة تحولات شكل وهيكل النظام الدولي من احادي القطبية الي متعدد الاقطاب والذي هو في طور التشكل الان والذي بدوره يطرح التساؤلات المهمة حول طبيعة وجوهر التحولات والمترتبات الاستراتيجية بفعل هذه الاستدارة الكبيرة من حيث الفرص و المهددات والسناريوهات المحتملة.

قضية الحرب والسلم الدولي
ثلاثة حروب تدور الان وهي تجمع كل دول العالم حولها وتدور في الثلاثة قارات الرئيسية القديمة للعالم مشكله لمشهد الكرة الأرضية.

_الحرب الأوكرانية والمستهدف الأول فيها الأمن الاوربي ثم الأمن شمال الأطلسي أمريكا.
_الحرب الفلسطينية. وهي تستهدف أمن الشرق الأوسط والامن العربي والإسلامي وهي كتلة لها أهميتها ااجيوبولتكية خاصة المحتوى الديني الإسلام والعهد القديم والجديد.
_حرب السودان. والمعنى بها الأمن الافريقي سوا كان في قرنه او ساحله وصحراءه او وسطه ومياهه وبحيراته او حتى في حجم التنافس الدولي على ثرواته.

اولا : فحرب السودان لم تعد شانا داخليا بالنظر إلى حجم الفاعلين والوالغين والواحلين فيها وهي بمثابة خط تقسيم المياه السياسي الذي ستكون عليه حالة الدول الأفريقية نصرا او هزيمة.
ثانيا : في حرب السودان التقي كل الخصوم من غرب أفريقيا الي دول الساحل والصحراء الي دول القرن الافريقي حتى جنوب الصحراء حيث الجنوب السوداني ولم تشهد حروب أفريقيا رغم بشاعة المزاح فيها شكل ونوع ما حدث في حرب السودان واذا أخذنا مثال حرب رواندا كانت بين الهوتو والتوتسي اثنيتين فقط فكانت مجزرة راح ضحيتها ما يقرب من المليون شخص ولا تعرف دولة أفريقية وجهت بمثلما واجه السودان ولم تسقط وتنهار وسال دمها في الركبان.
يمكننا أيضا المقاربة مع حرب إثيوبيا واثنية التغراي تبدو المسافة والبون شاسع من حيث حجم التكالب والتامر اقل حدة وضراوة.

فحرب السودان جمعت اشتات من المرتزقة واجناس من أكثر ١٧ بلد أفريقي وعربي واجنبي. واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة غربية وشرقية وجسور جوية ومضادات أرضية وجميعها تكسرت امام بوابات الصد التي مثلها الجيش السوداني ومن خلفه المقاومة الشعبية المسلحة.

في حرب السودان تساقطت وتراجعت كثير من النظريات العسكرية التي ما كانت تتوقع صمود الجيش ليوم او بعض يوم لذلك وغيره تبقى حرب السودان محددا وملمحا مهما في رسم التحالفات والتكتلات الاستراتيجية القادمة للخارطة الأفريقية والعربية والدولية القادمة لما تحمله نتيجتها من تحولات مستقبلية فحسب ولكن على صعيد جدلية السلم والامن الدوليين.

نواصل ان مد الله الاجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى