محمد مطر يكتب: احترام القارئ
سيدي الكاتب، طبعًا ترى أننا نواجه اليوم واقعًا مختلفًا عن ما واجهه أسلافنا، فمن عاش كلاسيكيات الماضي، ويحيا الآن في تطور الحاضر بسرعته الفائقة، ويستشرف المستقبل بالبحث عن كوكب آخر للعيش فيه بعيدًا عن كوكب الأرض الذي استبد فيه الفساد، وبات تدميره وشيكًا لأجل بناء عالمه بحرية أكبر “ولا يمكن اعتبار هذا الكلام مبالغًا فيه”، سوف ينطلي عليه تجميل الواقع القبيح الذي نحياه بكتابة سردية جميلة وأنيقة، أو احتفال وتوقير زائف، بل يتجاوز البعض ذلك إلى دعوة المجتمع بالتحمل، وهو الذي يتكحل بالصبر رضًا حينًا وجبرًا في أحايين عدة، وربما هناك أمور أخرى أكثر يصعب تفسيرها.
إذ أن الوعي الحقيقي ينبني من خلال واقع ملموس بأبعاده وعناصره كافة، مخلوط بين حضارة وتاريخ وبيئة وموروث وسياسة واقتصاد ومعرفة، مما يجعل القارئ في تماس مع ما يحدث في عالمه الخاص والعام كحقيقة واقعة، دون تأييد بنفاق ووجاهة وخبث، بالرغم من الواقع الفاسد المستبد الجاثم على صدره وصدور الناس، بل يتخطى هذا إلى نقد بناء يكشف من خلاله ما في هذا الواقع من جوانب ضعفه والعمل على تقويمه من خلال الكلمة واحترام القارئ احترامًا حقيقيًا وتقديس عقله الذي هو أعظم النعم التي كرم الله به الإنسان على سائر الخلق.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…