محمد مطر يكتب: قالت لي…
كانت البدايات متعثرة، لكننا لم ننسحب، بل كافحنا من أجل ما نريد لا ما يُراد لنا، إضافة إلى ما أغرتنا به الكلمات الجميلات عن الأحلام، وأن أجمل الأشياء هي التي تولد من رحم المعاناة، وقد خَلدتُ حَلبَة السباق التي كنت فيها بكلمات بسيطة، حتى تكون الرحلة مدونة بتفاصيلها كافة عند الوصول إلى المبتغى، وقبيل انتهاء السباق وجني الثمار، هدموا أمام عيني كل ما كنت أؤمن وأحلم به بدم بارد، وادعاء باطل، وقوة زائفة، تهاوت أمام فضيلة الزهد، واستغناء كان وخزة في عين أدعياء الفضيلة، وصمت أطبق على أفواه العالمين ببواطن الأمور، وقد كان صمتهم صمت الآثمين، تلك اللحظة غيرت كل شيء في عيني.
لقد بكت روحي، وهي البيت الذي يأويني.
مع مرور الأيام…
لم أعد أنبهر بشيء، حتى حلو الكلام، أو أندفع خلف البدايات الجديدة، أو أضحي بأن أصمت في وجه كل متزلف أو منافق، حتى أنني لم يعد متاحًا لي أن أهب ثقتي لأحد، إنني أمقُتُ الجافّة مشاعرهم، المُتحَجِّرة قلوبهم، الذين يتَّخِذون مِن التنظير مَنهَجًا لإثبات ذواتهم، ويُمارِسون التباهي على الآخرين بما لديهم من امتيازاتٍ حَصلوا عليها دون جُهدٍ أو مُعاناة، أولئك الذين يَنعِتون الآخرين بالانهزام والضعف، لاعتقادهم أن ظُروفهم مِعيارًا لتقييم الآخرين.!
لاحظت -ملاحظة شخصية- أنني لم أعد أُحِبُ التكلُف أو التّصنُع، ولم تعد الاجتماعات البشرية المُمتلئة بالنفاق الاجتماعي، والمُصافحات الباردة، والابتسامات المتجمدة، التي لا تحمل ذرة دفء واحدة، تستهويني، إنني شخصية بسيطة تقدر عفوية مشاعرها، ووقتها، أُحب فعل الأمور على طريقتي الخاصة، وبطبيعتي الخالصة، دون أن يحكمها أشخاص، أو أماكن، وأنا أُحب ما أنا عليه…
انقضت الأعوام من عمري، وليست لدي رغبة في التشكيك بقناعاتك ولا يعنيني ما تعتقد أنه الحقيقة، ولن أطلب منك أن تحب ما أحب، أو تكره ما أكره، ولكنني أردتُ أن أسمعك قصة الآخر بصوته.
أهدأ وخواطري في تجول، وتتداخل الأصوات، وكأنني أنا الذي كنت أبحث عنها كي تكتبني…
سألتك يا أنا…
لما لا ترجع إلى الأمام؟
مشع كالشمس
آت من القمر
تتصل بينهم الأسباب، فتأتي كما أنت..
ثابت بقلب صابر، يخطو خطى العارفين بمسالك الطرقات…
إن الوقت لم يعد مملوكًا، ولا أدري ما هو الشاطئ الذي سيوصلني تيار الحياة إليه…
هل يأخذني إلى الشاطئ فأقف على قدماي؟
ولكنني مقتنع بأن أمامي حياة طويلة سأحياها دون خوف من غد.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…