خالد عبدالحميد مصطفى يكتب: “تحرير البحث العلمي من قبضة الأجندة السياسية”
إن إستثمار البحث العلمي وتطويره، أهم ما يجب أن يجمع منظمات العمل المدني العربي، إذا أرادت أن يكون لها دور حقيقي في إنقاذ مجتمعاتها من قبضة الأُطر الثابتة ومعوقات التنمية. يجب علينا أن نرسي قواعد وأُسس قوية وراسخة، تكون بمثابة الإجماع علي إعلان ثورة علمية تعمل علي كشف الحقائق. وإن لم يكن هناك إلتزام جاد بمواكبة التقدم العالمي وتجاوزه في مجال الدراسات المستقبلية، فإن هذه الأسس تُعدْ إنسياقاً لثقافة القطيع التي تعصف بالرأي العام،وإستسلاماً لترسيخ الشعور العام واللاجدوي ومساهمة في واقع مُظلم يسوده التشكيك والإنكسار. لابد من إنتاج المزيد من الدراسات والبحوث في مناخ عام يوفر معايير الجودة والكفاءة لهيئاتنا العلمية، يساعدها في تنفيذ برامج ثورية في إدارة وإستثمار البحث العلمي.
يجب أن تحمل هذه الأسس شعور حقيقي بالمسئولية تجاه شبابنا ودور حقيقي لمشاركاتهم وإمتلاكهم للأدوات والأليات التي تُتيح لهم الإدارة الإبداعية والتواصل الإيجابي، وتُغذي فيهم الطموح الموضوعي للتغيير والقيادة، من خلال إستثمار الثروة البشرية في إدارة موارد المجتمع بشكل يحقق أعلي مردود إقتصادي لثروتنا البشرية والحضارية. ويُتيح للشباب بالتواجد الحقيقي خاصةً في هذه المرحلة التي تفرض علينا جميعاً القيام بوضع أُسس علمية تتجاوز الهزيمة الحضارية التي تمر بها مجتمعاتنا، لذلك لابد من إنشاء بيت خبرة إقليمي يعمل علي أعلى إستثمار للبحث العلمي الذي يعتبر الركيزة الأساسية لتقدم المجتمعات وتطورها، ويعزز من فهمنا للعالم من حولنا. ويعتبر هو المحرك الرئيسي للتطور التكنولوجي، والذي بدوره يسهم في تحسين جودة الحياة، وفهم أعمق للقضايا الإجتماعية مثل الفقر والعنف والصحة النفسية، ويساعد في تقديم حلول مستدامة لها.
إن ضرورة تحرير البحث العلمي تأتي من الحاجة لضمان نزاهته وموضوعيته. فعندما يتأثر بالسياسة، فإنه يؤدي ذلك إلى تحيز النتائج” ويوجه البحث نحو نتائج محددة تخدم أجندات معينة بدلاً من الحقيقة
العلمية،وتقييد الحرية الأكاديمية” حيث أن العلماء والباحثون يجب أن يكونوا قادرين على إستكشاف الأفكار والمفاهيم بُحرّية دون خوف من القمع أو الإنتقام. وعندما يكون البحث مُسيّس، يفقد الجمهور الثقة في نتائجه ومخرجاته، مما يؤدي إلى تراجع الدعم المجتمعي والعام للعلوم، فتحرير البحث العلمي يضمن بقائه موضوعياً ونزيهاً، ويعزز من دوره كقوة محركة للتقدم البشري والإبتكار.