داعيا تركيا وايران واثيوبيا لنهج جديد ازاء قضايا المياه: ابو الغيط : المياه قضية وجودية ترتبط بالامن القومي العربي
كتبت/ هالة شيحة
دعا الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط إلى تضافر الجهود لمواجهة التحديات المائية التي تواجه المنطقة العربية
واشار ابو الغيط في كلمته امام النسخة الرابعة من مؤتمر بغداد الدولي للمياه إلى التحديات المشتركة التي تواجهها الدول العربية إجمالا في مجال المياه، فضلاً عن تحديات خاصة تواجه بعض الدول بسبب جغرافيتها… فالواقع أن 80% من المياه تأتي الدول العربية من خارجها.. كون الكثير من الدول العربية تُعد دول مصب لأنهار عابرة للحدود، بما يجعل توزيع المياه والحفاظ عليها تحدياً إقليمياً مُشتركاً يستلزم التعاون والتنسيق… لافتا إلى كل من العراق وسوريا ومصر والسودان..
وقال ابو الغيط إن قضية المياه في بلادنا ليست قضية فنية وتنموية فحسب … بل هي مسألة وجودية ترتبط بالأمن القومي العربي، وبتحديات البقاء في المستقبل… ويتطلب التعاطي معها تعاوناً بين كافة القطاعات على المستوى الوطني… ولكن أيضاً تعاوناً صادقاً وتنسيقاً مستمراً على المستوى الإقليمي.
واضاف إن دول الجوار العربي.. تركيا وإيران، فيما يتعلق بالعراق وسوريا.. وأثيوبيا، فيما يتعلق بمصر والسودان.. هذه الدول مطالبة بنهج جديد في التعامل فيما يخص قضايا المياه.. نهج يقوم على المصلحة المشتركة بعيداً عن المعادلات الصفرية.. فالإمكانيات والموارد المائية القائمة يُمكن توظيفها لخدمة جميع الشعوب وتنمية الدول، شريطة أن يحل التعاون والتفهم المشترك محل التنافس أو الاستئثار بالموارد.
واعرب ابو الغيط عن شكره للحكومة العراقية لحرصها مبادرتها بإطلاق هذا المؤتمر في عام 2021 وحرصها على إقامته سنوياً منذ ذلك الحين … ليشكل فضاءً مهماً لمناقشة التحديات التي يواجهها العراق في مجال المياه وإيجاد حلول مستدامة لها … كما أعرب عن تجديد دعم جامعة الدول العربية لهذا المؤتمر وتعاونها لإثراء مخرجاته، وذلك لإيمانها الكامل بأهمية قضية المياه ومحوريتها لمستقبل العرب جميعاً.
وقال إنني أثق في أن هذا المؤتمر سيحقق أهدافه لرسم تصور شامل للوضع المائي في العراق بكل تحدياته وتعقيداته، وتعميق فهم تلك التحديات بحضور كافة القطاعات الوطنية ودول الجوار والشركاء الدوليين.
وفي هذا الشأن.. وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة العراقية والاستثمارات والمشروعات التي نفذتها في السنوات الأخيرة، إلا أن الوضع المائي لا يزال يشهد ضغطا متزايدا… ليس بسبب قلة فاعلية الإنجازات أو ضعف الجهود المبذولة.. ولكن بسبب عوامل أخرى مختلفة منها تراجع حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات، واستمرار الجفاف لفترات أطول، فضلاً عن النمو السكاني وزيادة آثار التغير المناخي.
ولفت ابو الغيط إلى أن الأمن المائي لا ينفصل عن الأمن الغذائي.. وقد شهدت الفترة الأخيرة اهتماماً غير مسبوق بموضوع الأمن الغذائي بسبب الاضطرابات التي شهدتها سلاسل الإمداد العالمية بعد جائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا … وكذا بسبب تسارع آثار التغيرات المناخية وتواتر الكوارث الطبيعية … ونظراً لأهمية الموضوع فقد حظي الأمن الغذائي باهتمام خاص ولا يزال ضمن ملفات العمل العربي المشترك في الفترة الأخيرة، حيث وافقت القمة العربية في الجزائر في عام 2022 على عدد من الاستراتيجيات المتعلقة بالأمن الغذائي العربي، فضلاً عن الجهود التي تقوم بها المنظمات المتخصصة والمجلس الوزاري العربي للمياه ومجلس وزراء الزراعة العرب في هذا الشأن … وهي منظمات ومجالس تشارك جمهورية العراق في أعمالها على نحو فاعل ومؤثر.
ودعا ابو الغيط إلى تعزيز القدرات في مجال الاستعداد للكوارث الطبيعية وآليات الإنذار المبكر… إذ تشير الإحصائيات إلى أن 53% من الكوارث الطبيعية المسجلة في عام 2023 تتعلق بالمياه… وان أغلب سكان المنطقة العربية يقطنون في مدن ساحلية أو على ضفاف أنهار كما هو الحال هنا في العراق.
وأوضح إن الأخطار المتعلقة بالمياه قد أصبحت أمراً واقعاً… ولقد رأينا جميعاً كيف تسببت الأمطار الطوفانية والفيضانات في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة كما حصل في السودان وفي درنة الليبية.. وفي عُمان والإمارات مؤخراً.
واشاد في هذا الشأن بالتقدم الذي أحرزته الدول العربية في مجال إدارة مخاطر الكوارث ووضع التدابير الاستباقية للتعامل مع آثارها، داعيا الحكومات إلى أن تنظر باهتمام أكبر إلى رفع قدراتها الوطنية في هذا المجال… كما حثها على تعزيز عمل آلية التنسيق العربية للحد من مخاطر الكوارث العاملة تحت مظلة جامعة الدول العربية.
وذكر ان الجامعة العربية ممثلة في الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه، وفي إطار مشاركتها في تنظيم عدد من فعاليات هذا المؤتمر، ستنظم جلسة حوارية رفيعة المستوى بعنوان “تحديات الحد من مخاطر الكوارث المائية في المنطقة العربية ” بالتعاون مع عدد من الشركاء.