المستشار وائل الريس يكتب: ” جولدا ” فيلم سينمائي أم فيلم سياسي وثائقي
في الذكري الخمسين لحرب أكتوبر يعرض الآن علي بعض المنصات فيلم ” جولدا ” بطولة الممثلة الانجليزية / هيلين ميرين والمخرج / جاي ناتيف الحاصل علي جائزة الأوسكار عام 2019 عن فيلمة القصير الأول ( SKIN ) وهو من مواليد تل ابيب عام 1973 .
يبدأ الفيلم يوم5 أكتوبر 1973 حيث يتناول السيرة الذاتية لجولدا مائير رئيسة ورزاء اسرائيل حينذاك خلال تسعة عشر يوما من أحداث أكتوبر وعلي ما يبدو أن الفيلم يحمل رسائل معينة يريد تأكيدها وترسيخها في ذهن المشاهد .
الرسالة الأولي : ان اسرائيل كان تعلم بموعد الحرب من جاسوسهم ” الملاك ” إلا أنهم لم يتخذوا التدابير اللازمة لمواجهة الأمر.
الرسالة الثانية: انهم قد استطاعوا تحويل الهزيمة إلي نصر وكانوا علي مشارف القاهرة لولا تدخل كيسنجر
والثالثة : خلق حالة من التعاطف مع جولدا مائير وكيف كانت تدير الصراع وهي مريضة وتعالج بالإشعاع الكوبالت وانها كانت تتألم من أجل المصابين والقتلي والمفقودين وكانت تقوم بإحصائهم في مفكرتها الخاصة .
الفيلم من الناحية الإنتاجية يعاني من فقر شديد حيث خلا الفيلم من المشاهد الحربية او المعارك الجوية او البرية واكتفي بصرخات الجنود الإسرائيلين وصيحات الجنود المصريين بينما جولدا تستمع إليهم من خلال مخبأها في مركز قيادة القوات ، جاء مشهد ديان وهو يشاهد الوضع في الجولان أقرب إلي الافلام التجارية الساذجة مجرد انفجارات واطلاق نيران دون بيان للقوات السورية أو السورية مجرد حالة ضبابية ودخان كثيف صاحب العديد من المشاهد سواء اثناء المعارك أو من سجائر جولدا التي كانت تدخن بشراهه رغم مرضها بل كانت تدخن أثناء وجودها علي سرير المستشفي اثناء العلاج الإشعاعي .السيناريو والحوار في الفيلم جاء مصاب بالرتابة والملل وبطء الإيقاع الذي يجعل المشاهد يصاب بالضجر والملل
من أفضل مشاهد الفيلم الحوارات التي كانت بين جولدا وكسينجر والتي كان من الممكن استثمارها بصورة افضل وقد جاء المشهد الوثائقي الأخير الحوار بين جولدا والرئيس السادات من افضل اللقطات حيث يظهرها بمشهد السيدة العجوز كما كان يطلق عليها لارئيس السادات وهي تقدم له هدية بمناسبة ميلاد حفيدته وهم يضحكون ويتندرون حيث يظهر الطابع الإنساني للزعماء فهم في النهاية بشر وهو ما افتقده الفيلم في الحقيقة في إظهار الجانب الشخصي والإنساني للأبطال .
لن تحصل هيلين ميرين علي جائزة الأوسكار عن هذا الدور رغم محاولتها المجتهدة حيث جاء الأداء أقل مما هو متوقع ولا تزال السيدة أنعام سالوسة افضل من قامت بتجسيد شخصة جولدا في مسلسل العميل ( 1001 ) ولو اتيح لها ان تقوم بتجسيد هذا الدور في ظل أمكانيات افضل لخرج الأداء افضل من الفيلم الاجنبي .
فيلم جولدا جاء ليتعاطفوا معها وهو مايؤكده المخرج أكثر من مرة حيث قام بتصوير مشهد ذهابها إلي العلاج وهي سائرة بين مشرحة الجثث وكأنها تسير في طريق الموتي وهو المشهد الذي تكرر أكثر من مرة في الفيلم .
يأتي فيلم جولدا في الذكري الخمسين لحرب أكتوبر وما زلنا نشاهد ابناء الصمت وبدور والرصاصة لاتزال في جيبي وحكايات الغريب الأجمل ولم نصنع حتي الان فيلما عالميا يناسب قيمة الحدث ومكانته ونؤكد علي حقيقة الأمر وان الصراع العربي الاسرائيلي أفتقد إلي كل معايير التوازن والعدالة الدولية ، وفي الختام فيلم جولدا كثير من الأكاذيب قليل من الفن .