شريف حسن يكتب: العاشر من رمضان

 ستظل ذكري العاشر من رمضان 1939 (حرب اكتوبر 1973م) محل دراسة وتقييم وعبرة لما قامت القوات المسلحة المصرية بتحرير الارض المحتلة من المحروسة وجيلا بعد جيل يرابط ويدافع عن مرابعها، فقد استشهد الفريق عبدالمنعم رياض فى مارس 1969 بين ابنائه من ضباط وجنود علي خط الدفاع الأول علي قناة السويس، وحرب الاستنزاف – قبل تحقيق النصر – التي أجهضت العدو بداية من معركة رأس العش في يوليو 1967، عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية لاحتلال مدينة بورفؤاد وتصدت لها فصيلة من الصاعقة المصرية بقوة 30 مقاتلا فى منطقة رأس العش وأوقفت تقدم القوات الإسرائيلية بعد تكبدها خسائر جسيمة، وأصبحت معركة رأس العش رمزا للصمود المصرى بعد هزيمة 67، وقد بدأت مرحلة حرب الاستنزاف ببناء الدفاعات المصرية غرب قناة السويس بعد انسحاب الجيش المصرى من سيناء، وسُميت بالخطة الدفاعية 200 حيث تم فيها تنظيم خطوط دفاعية كاملة لمنع العدو من اختراق قناة السويس والتقدم غربا، وأن التدريبات العسكرية المشتركة مع دول اخري لما بالقوات المسلحة المصرية من خبرة خوض أربع حروب رئيسية فى الفترة الماضية فى الصراع العربى الإسرائيلى فى 56، حرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب 73 وحرب خامسة فى تحرير الكويت.

ولا ننسي المجموعة 39 قتال وأعمالها الهجومية كعملية الثأر لمقتل الفريق الشهيد عبد المنعم رياض – عملية لسان التمساح، وتم استطلاع النقطة الإسرائيلية التي أصابت الفريق من فوق مبنى إرشاد السفن بالإسماعيلية وأعد رسما تخطيطيا لها ثم اختير عددا من الضباط والجنود الأشداء البواسل وتدريبهم في منطقة صحراوية على تنفيذ العملية وتلقين كل فرد الدور المنوط بتنفيذه وعندما حل الظلام وتحت ستر من نيران المدفعية المصرية، تسللوا إلى النقطة المحددة وقاموا بتدميرها وقتل من فيها من الإسرائيليين وكانوا 44 ونسف مخازن الذخيرة والمؤن بها وتدمير مدرعتين إسرائيليتين وإنزال العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري، ومكث فيها إلى صدرت له الأوامر بالعودة فقفل عائدا إلى موقعه غرب القناة.

كما ان إعداد الدولة المصرية للحرب بدأت عقب حرب يونيو 1967 مباشرة، بالسعى السياسي والدبلوماسي إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلى الدول العظمى خاصة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وحققت مكاسب دبلوماسية تمثلت في إدانة العدوان الإسرائيلي على مصر والأراضي العربية، وإصدار القرار 242 من الأمم المتحدة الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة، إلا أن إسرائيل لم تنفذ القرار واستمرت في الاحتلال.

وسيناء بوابة  مصر الشرقية وحصن الدفاع الأول عن أمنها وترابها الوطني، وبها  مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء وكنوز الجمال والثروة تحت بحارها، و في باطن أرضها من «نفط و معادن»، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.

ولأغاني حرب أكتوبر 1973 المجيدة، قصص راسخة وكواليس لا تُنسى، حُفظت في الذاكرة مثلما حُفظت كلمات تلك الأغاني ومنها “رايحين رايحين .. شايلين فى إيدنا سلاح .. راجعين راجعين .. رافعين رايات النصر .. سالمين سالمين .. حالفين بعهد الله .. نادرين نادرين .. واهبين حياتنا لمصر .. باسمك يا بلدي..حلفنا يا بلدى .. جيشك وشعبك يرد التحدى” للشاعرة الشاعرة نبيلة قنديل  ولشريفة فاضل “ابنى حبيبى يا نور عينى .. بيضربوا بيك المثل .. كل الحبايب بتهنينى .. طبعا منا انا ام البطل .. يا مصر ولدى الحر .. اتربى وشبع من خيرك .. اتقوى من عظمه شمسك .. اتعلم على ايد احرارك .. اتسلح بايمانه واسمك .. شد الرحال .. شق الرمال .. هد الجبال .. عدى المحال .. زرع العلم .. طرح الامل .. وبقيت انا .. ام البطل” من كلمات عبدالرحيم منصور وألحان بليغ حمدي عبقري النغم، ولشهرزاد “سمينا وعدينا وايد المولى ساعدتنا .. جمعنا كل قوتنا وساندتنا عروبتنا .. وسمّينا وعدّينا وإيد المولى ساعدتنا .. سمّينا وعدّينا شقينا طريق النصر .. وإيد المولى ساعدتنا رجّعنا ابتسامة مصر .. خيوط الفجر بتنوّر و كل الشعب بيكّبر .. و فى رمضان و بالإيمان أراضينا بتتحرّر” من كلمات علية الجعارو ألحان عبد العظيم محمد.. ويشدو سيد النقشبندي “يارب إنِّا قاصدوك فلا يعد من بيننا أحد ببابك خائباً/ هذه جنود الله قد وقفوا على طول الحدود يقاتلون الغاصبَ/ زرعوا الجبال مدافعاً وبنادقاً والبحر ثكناً وسهولك تائبه/ أُسْد شداد يرهبون عدوهم جعلو القنابل في الهجوم مخالبا/ الله أكبر الله أكبر في القتال سلاحهم ثبتوا بها خطوا وعزوا جانبا

يارب فانصرهم وأعلي لوائهم واكتب لهم في النصر حظاً غالبا/ يارب وحد شملنا واجمع على الحق البلاد واجعل حدوداً فرقتها لا تفرقها وداداً/ ما نحن إلا أمة حملت رسالتها في هذا قادت بأيديها العدا أسرى وتأبي أن تُقاد/ يارب فانصر جييشها وأعنه إن خاض الجهاد/ من أجلها حمل البنادق من أجلها حمل البنادق أو لها ركب الجيادا/ أهلا جنود الحق قد جائكم نصر من الله وفتح قريب/ قنطرة الشرق تحييكم على القتال المُستميت العجيب/ بطولة بالدم قد سطرت قصة مجد شمسه لا تغيب”.. وينشد نصر الدين طوبار احد مؤسسى فن الابتهال الذي اختير قائدا لفرقة الانشاد باكاديمية الفنون “سبح بحمدك الصائمون.. ودان لعزتك الراكعون الساجدون.. واستنار بهداك المخلصون.. وانتصر بقدرتك المجاهدون ويومئذ يفرح المؤمنون»، فالابتهال الديني ليس بمعزل عن الحياة في مصر بكافة جوانبها وخاصة مع حرب العاشر من رمضان عام 1973 و«سبح بحمدك الصائمون» للشيخ نصر الدين طوبار كانت لها تأثير كبير على رفع معنويات الجنود بعد إذاعتها يوم التاسع من أكتوبر.

 

وستبقى ذكري العاشر من رمضان شاهدة علي بطولة القوات المسلحة المصرية بتحرير الارض وتتوالى الاجيال المتعاقبة لتظل الراية مرفوعة إلي العنان للدفاع عن حدود مصر الغالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى