الدكتور عادل اليماني يكتُب : جِئتكُمْ مِنْ عِندِ خيرِ النَّاسِ ..
إذا أردتَ أن تعيشَ قوياً بلا خوفٍ ، عزيزاً بلا ضيمٍ ،فعليكَ أن تبحثَ عن قوةٍ حقيقيةٍ ، تَدعَمُك وتساندُك ، قوةٍ يقيناً لن تجدَها عندَ الناس ، إذ هي فقط ، عندَ اللهِ وحدَه ، فالناسُ قد يتغيرون ، الناسُ قد يتخاذلون ، أما اللهُ جلتْ قدرتُه ، فهو الباقي ، وهو السندُ ، عليه دونَ غيرِه نتوكلُ : وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ .
لايتوقفُ عطاؤه ، ولا تتبدلُ أوامرُه : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ .
يذهبُ بعضُهم إلى المرأةِ الفقيرةِ ، فيُثيرون مخاوفَها على رِزقِها ، ورِزقِ عِيالِها ، إذ ذَهَبَ زوجُها إلى الجهادِ ، فتُجيبُهم في ثِقةٍ واطمئنان : زَوْجي عَرَفتُه أكَّالاً ، ولم أعرِفْه رزَّاقًا ، فإنْ ذهب الأكَّال ، فقد بقِي الرزَّاق !
في إحدي الغزوات ، جاء رجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِين ، وَسَيفُ رَسُول اللَّهِ ( ص ) مُعَلَّقٌ بالشَّجرةِ ، فالتقطَه ، فَقَالَ : تَخَافُنِي ؟ قَالَ ( ص ) : لا ، قَالَ : فمَنْ يمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ : اللَّه ، فسقَطَ السَّيْفُ مِنْ يدِهِ ، فَأخَذَ رسَولُ اللَّهِ ( ص ) السَّيْفَ ، فَقال : منْ يمنعُكَ مِنِّي؟ فَقال : كُن خَيْرَ آخِذٍ ، فَقَالَ ( ص ) : تَشهدُ أنْ لا إلَه إلاَّ اللَّهُ، وأنِّي رسولُ اللَّه؟ قَالَ : لاَ، ولكِنِّي أعاهِدُك أنْ لا أقَاتِلَكَ ، وَلاَ أكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ ، فَخلَّى سبِيلهُ ، فَأتى هذا الرجلُ أصحابَه فقَالَ : جِئتكُمْ مِنْ عِندِ خيرِ النَّاسِ .
حقاً وصدقاً : وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ .
قالَ اللهُ تعالي ، لنبيه موسي ، وأخيه هارونَ ، عليهما السلام :
قَالَ لَا تَخَافَآ ۖ إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ .
أي أسمعُ دُعاءَكما ، فأُجيبُه ، وأرى ما يُراد بكما ، فأمنعُه ، أسمعُ كلامَكما وكلامَه ، وأرى مكانَكما ومكانَه ، لا يخفى عليَّ من أمرِكم شئٌ ، ناصيتُه بيدي ، فلا يتكلمُ ، ولا يتنفسُ ، ولا يبطشُ ، إلا بإذني ، وبعدَ أمري ، وأنا معكُما بحفظي ونصري وتأييدي .
يا الله !! ما كلُ هذه الطُمأنينة ؟!
طُمانينةٌ لا يساورُها شك ، فأنتَ الآن في معيةِ مَنْ لا يغفلُ ولا ينامُ ، مَنْ أمرُهُ بينَ الكافِ والنون ، إذا قضي أمراً ، فإنما يقولُ له كُنْ فيكون .
يقولُ ابنُ عباس : كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا ، قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشئٍ ، لم ينفعوك إلا بشئٍ قد كتبَه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيٍ لم يضُروك إلا بشئٍ قد كتبه اللهُ عليك ، ( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ ) أي لم يبقَ بعدَ هذا القولِ قولٌ ، ولا بعدَ هذا اليقينِ يقينٌ .
من دُعائِه ( ص ) : اللهم إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ .
وقِيلَ لمعاوية : إن اتقيتَ اللهَ كفاك الناسَ ، وإن اتقيتَ النَّاسَ ، لم يُغنوا عنكَ من اللهِ شيئاً .
وفي الأثر : إِذَا حضرَ الرجلَ الموتُ يُقَالُ للمَلَكِ : شُمَّ رأسَه ، قال: أجدُ فِي رأسِه القرآنَ ، قالَ : شُمَّ قَلْبَه ، قالَ : أجدُ فِي قَلْبِه الصيامَ ، قالَ : شُمَّ قدميه ، قال: أجدُ في قدميه القيامَ ، قالَ : حَفِظَ نفسَه ، فحفِظَه الله .
يا رب ، النارُ تحرقُ ، وجعلتَها برداً وسلاماً علي إبراهيم ، والماءُ يُغرقُ ، وجعلتَه طريقاً ممهداً لموسي ، والسكينُ تذبحُ ، وجعلتَها أمناً أماناً علي جسدِ إسماعيل .
خلقتَ آدمَ من تُراب ، ورزقتَ إبراهيمَ الولدَ ، بعدَما اشتعل الرأسُ شيباً ، وبلغَ من الكِبَرِ عِتياً .
وجاءَ أمرُك بالشفاءِ لأيوب ، بمجردِ تحريكِ قدمِه في الماء .
وصعدتَ بحبيبك محمد ، صلي اللهُ عليه وسلم ، إلي السموات العُلا ، حتي وصل سدرةَ المنتهي ، عندَها جنةُ المأوي .
تأييدُك دائمٌ لا ينقطعُ ، لأنبيائِك ورُسلِك ، وعبادِك الصالحين ، فلا تحرمْنا هذهِ النعمةَ العظيمة .
سنحيا ونموتُ ، نقولُ يا الله ، إننا معه سُبحانَه وتعالي ، ولا نُبالي ، نَمدُدُ إليه أيدينا في ظُلماتِ الليالي ، فنحنُ القائلون : إنا الناجون من سهامِ القدرِ ، لأننا بجوارِ الرامي .
يا ودودُ ، يا ودود ، ياذا العرش المجيد ، يا فعالاً لما تريد ،
نسألُك بعزِك الذي لا يُرام ، ومُلكِك الذي لا يُضام ، وبنورِك الذي ملأ أركانَ عرشِك ، أن تحفظَنا بحفظِك ، وترعانا برعايتِك .