إشتيوي الجدي يكتب: قراءة سريعة في بيان ملتقى القيادات السياسية الوطنية!!
أصدرت يوم الجمعة الموافق 17مارس 2023 القيادات السياسية الوطنية المجتمعة بمدينة سرت بياناً حول ملتقى “رؤية وطنية لمعالجة الأزمة الليبية” توّلت نشره صفحات الحركة الوطنية الليبية الشعبية. وانّ القراءة السريعة لهذا البيان تستدعي ملاحظات عديدة نذكر منها:
1] خلا البيان الختامي من أي إشارة للقرار الجائر رقم 1973 لسنة 2011 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، يوم 17مارس2011، والذي بموجبه تعرضت ليبيا لعدوان عسكري أجنبي غاشم راح ضحيته عشرات الآلاف من الليبيين والليبيات، بل وحسب بعض التقديرات لربما وصل عدد الضحايا إلى ما يزيد عن المائة ألف.
2] في مفارقة عجيبة نجد أنه في حين أشارت ديباجة البيان إلى أن البلاد أضحت “مرتعاً للمرتزقة الأجانب وموطئاً للقواعد الاستعمارية البغيضة” ، فإن أصحاب البيان أعربوا في الفقرة الخامسة عن عظيم تقديرهم لدور القوات المسلحة في حماية الوطن على حدّ تعبير البيان ” وتثمن الدور الهام الذي تقوم به القوات المسلحة وقيادتها في محاربة الإرهاب وإعادة بناء الجيش وحماية حدود الوطن…”. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أليس من على رأس هرم القوات المسلحة اليوم هم من باعوا وطنهم وانحازوا علناً إلى صفوف التحالف الأجنبي إبان العدوان الصهيوصليبي على ليبيا سنة2011؟ واليوم أين هم من عشرات القواعد العسكرية الأجنبية المنتشرة على طول البلاد وعرضها؟ أولا يرون بأم اعينهم قوات الجيوش الأجنبية وعشرات آلاف المرتزقة يدنسون تراب وطنهم؟
من أهم الواجبات نحو الوطن هو الدفاع عنه و عدم التخاذل عن نداء الوطن فلا يتأخر عن نداء الوطن أو يتخاذل إلا الخائن. هل يُعقل أنّ قيادات سياسية وطنية تثمن مواقف خونة عملاء من أمثال خليفة حفتر، وعبدالرزاق الناظوري، وعبدالسلام الحاسي، ومحمد الحداد، وغيرهم؟! ألم تشاهد هذه القيادات السياسية الوطنية عبر القنوات الفضائية بالصوت والصورة كيف جمعت صافرة الجنيرال مايكل لانغلي، قائد (أفريكوم ) رئيسي الأركان المزعومين عبدالرزاق الناظوري، ومحمد الحداد؟! ناهيك عن انتهاكات وزير الدفاع التركي و رئيس أركان جيشه المستفزة للسيادة الوطنية الليبية، وا وا.
وهنا يجدر الإنتباه إلى أنني لست ضد ضباط ومراتب وجنود القوات المسلحة العربية الليبية سواء المتمركزة شرقاً أو غرباً ولكنني ضد أولئك الخونة عملاء الأجنبي، وأرفض التستر على الخونة والعملاء أينما كانوا وحيثما وجدوا.
3] انّ ما يلفت الإنتباه في هذا البيان هو أن القيادات السياسية الوطنية المجتمعة في سرت وبعد اقرارهم بتنامي الشعور بالإحباط واليأس من تحقّق الوعود التي قطعتها الدول المتدخلة في ليبيا عبر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وعجز السلطات الفبرايرية فاقدة الشرعيّة على إدارة المرحلة، دعوا إلى القطع مع العملية السياسية الراهنة و وجّهوا نداءا إلى تحويل اللقاءات الليبية الليبية القادمة إلى فرصة متميّزة ينبغي على الكلّ استثمارها لوضع قواعد تكوين مؤتمر تأسيسي من أجل إنجاز النقلة المنشودة نحو إستعادة السيادة الوطنية الليبية، وفرض هيبة الدولة وتفعيل مؤسساتها وبسط نفوذها على كامل البلاد. وهذا كلام يدعو للتفاؤل لكن سبل تجسيمه عمليّاً لن يتسنّى الاّ بتكثيف النضال من أجل إرساء أرضيّة سياسيّة مشتركة.
أخيراً يجب التنويه إلى أنني لست اشك في وطنية رفاق شاركوا في تنظيم وأعمال الملتقى، وألتمس لهم العذر في مراعاة المرونة والتكيف مع طبيعة وخصوصية الزمان والمكان.
والله والوطن من وراء القصد.
دبلوماسي ليبي سابق