المستشار محمد سيد أحمد يكتب: مراحل سقوط العقوبة

تقادم العقوبة أو سقوط العقوبة وهو انتهاء حق المجتمع في تنفيذ الحكم الصادر نهائي بالإدانة للمتهم في المدة التي حددها القانون , وذلك من تاريخ صيرورة الحكم الصادر في الدعوى الجنائية نهائي وواجب النفاذ لإنهاء حق المتهم في الطعن على الحكم الصادر ضده بالطرق العادية المقررة على الأحكام .

وعلي هذا تنص المادة 528 أ . ج علي أنه ” تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة .

وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين. وتسقط العقوبة المحكوم بها في مخالفة بمضي سنتين ” .

وقد حددت المادة 529 أ . ج وقت صيرورته الحكم الجنائي نهائي وأجب النفاذ ونصت علي أنه ” تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ، إلا إذا كانت العقوبة محكوما بها غيابيا من محكمة الجنايات في جناية ، تبدأ المدة من يوم صدور الحكم .

وهنا يجب توضيح أمر هام وهو متى تكون الدعوى الجنائية مجرد دعوى تخضع للتقادم الوارد في المادة 15 من قانون الإجراءات , ومتى تتحول من كونها دعوى إلي حكم وأجب النفاذ يخضع لمبدأ سقوط العقوبة المقرر في المادة 528 إجراءات .

إن الدعوى الجنائية تظل دعوى إلى حين صدور حكم نهائي في موضوعها , أو بفوات مواعيد الطعن المقررة فيها سواء بالمعارضة أو الاستئناف .

إن هاتين الحالتين تتحول بهما الدعوى الجنائية من كونها دعوى جنائية إلى حكم أو عقوبة واجبة النفاذ وتخضع لسقوط العقوبة وليس لتقادم الدعوى الجنائية .

كما يوجد بالإضافة إلى تلك الحالتين ما ورد بنص المادة 238 إجراءات وهى الأحكام التي تترتب على إعلان الدعوى لشخص المتهم .

الفرع الثالث

الانتقال من مرحلة الدعوي الجنائية إلي سقوط عقوبة .

إن الدعوى الجنائية تتحول من كونها دعوى تتقادم إذا مضى على ارتكابها وعدم اتخاذ إجراءات قضائية قاطعة للتقادم فيها أكثر من ثلاث سنوات , أو بصدور حكم غيابي فيها ومضى أكثر من ثلاث سنوات علي هذا الحكم في الجنح – فيما عدا الجنايات والتي تتقادم فيها الدعوي الجنائية بمضي عشرون سنة – وتتحول الدعوي الجنائية من كونها مجرد دعوي إلي حكم وأجب النفاذ ولا تسقط إلا بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة وذلك في الحالات الآتية :-

أولا :- أن يصدر الحكم في الدعوى الجنائية باعتبار المتهم حاضر ” حكم حضوري اعتباري ” وذلك بعد إعلان المتهم لشخصه بإعلان الحضور للجلسة المحددة لنظر الدعوي – أمر الإحالة – وفى هذه الحالة وبصدور حكم حضوري اعتباري يكون الحكم نهائي بعد انتهاء ميعاد الاستئناف وهو مضى عشرة أيام على تاريخ صدور الحكم الاعتباري دون أن يستأنف المتهم .

ثانيا :- أن يصدر حكم غيابي من محكمة الجنح ويتم إعلانه قانونا في محل إقامة المتهم أو لشخصه , ثم لا تتم المعارضة أو استئناف هذا الحكم في المواعيد المقررة , وبالتالي يصبح الحكم الغيابي نهائي وأجب النفاذ ويكون التقادم الواجب هو تقادم الحكم بمضي خمس سنوات ” سقوط العقوبة ” وليس تقادم الدعوى الجنائية , ذلك لان الحكم الذي صدر في تلك الدعوى قد حول الدعوى من كونها مجرد دعوى جنائية لم يتم الفصل فيها بحكم نهائي وأجب النفاذ إلى دعوى قضى فيها بحكم نهائي وأجب النفاذ أو حكم نهائي لفوات مواعيد الطعن علية بعد إعلانه قانونا وانتهاء تلك المواعيد دون الطعن علية بالمعارضة أو الاستئناف .

ثالثا :- أن يصدر حكم حضوري بعد حضور المتهم في الجلسة بوكيل عنة ولكنة لم يطعن علية بالاستئناف في الميعاد وبالتالي يكون الحكم قد صار نهائي لفوات مواعيد الاستئناف ويكون وأجب النفاذ حيث أنة قد صار حكم نهائي ولا يسقط الحكم إلا بمضي خمس سنوات .

رابعا :- في حالة صدور حكم غيابي من محكمة الجنح المستأنفة بسقوط الحق في الاستئناف يكون الحكم نهائي في حق المتهم لان المتهم كان يعلم بجلسة الاستئناف وترك الجلسة ولم يحضر الاستئناف رغم علمه بتلك الجلسة ومن ثمة يكون الحكم الصادر غيابي هو حكم نهائي إذا لم يعارض المتهم فيه في الميعاد المقرر وهو مدة العشرة أيام التالية للحكم بسقوط الاستئناف وبالتالي يكون الحكم نهائي وأجب النفاذ .

خامسا :- أن يصدر حكم من محكمة الجنح المستأنفة نهائي بإدانة المتهم وبالتالي يكون الحكم قد صار نهائي وأجب النفاذ ولا يخضع لتقادم الدعوى ولكنة يخضع لسقوط العقوبة بمضي خمس سنوات حتى ولو تم الطعن على بالنقض لان الطعن بالنقض لا يوقف تنفيذ الحكم ولذلك فان الحكم المطعون علية بالنقض لا يخضع إلا لسقوط العقوبة وليس سقوط الدعوى الجنائية حتى ولو تم الطعن في الميعاد ذلك لان الحكم النهائي هو الذي يجب معه سريان مبدأ سقوط العقوبة على الأحكام الصادرة في الدعوى لان الطعن بالنقض هو طريق استثنائي من الطرق غير العادية للطعن على الأحكام ولا يحول دون تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الجنائية , الأمر الذي تكون معه الدعوى قد انتقلت من مرحلة كونها دعوى مطروحة أمام المحكمة , إلى حكم وأجب النفاذ له حجيته القانونية الواجبة التنفيذ .

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان جميع الأحكام القضائية في كافة الدعاوى تكون نهائية بعد صدور أحكام نهائية فيها واجبة النفاذ أو فوات مواعيد الطعن المقررة عليها , علما بان طرق الطعن هنا هي طرق الطعن العادية وليست الاستثنائية أو غير العادية مثل النقض أو التماس أعادة النظر .

وهذا الأمر من وجوب سريان مبدأ سقوط العقوبة على الأحكام التي صارت نهائية حتى ولو تم الطعن عليها بالنقض يتعارض مع العديد من أحكام النقض التي صدرت مخالفة للقانون في هذا الأمر وقد أقرت مبدأ خطأ يخالف القانون , وهو أن الطعن بالنقض إذا مضى على عدم نظر الدعوى المطعون عليها بالنقض أكثر من ثلاث سنوات دون نظر الطعن تقض محكمة النقض فيها بتقادم الدعوى الجنائية لمضى أكثر من ثلاث سنوات على عدم صدور حكم أو اتخاذ إجراء في تلك الدعوى .

وقد استقرت العديد من أحكام محكمة النقض علي تأكيد هذا المبدأ في العديد من أحكامها , فقضت بأنه :-

الحكم الأول :-

” إذا كان قد مضى بين الحكم الغيابي الصادر على المتهم و بين علمه به مدة تزيد على ثلاث سنوات ، أي أكثر من المدة المقررة في القانون لانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة في مواد الجنح ، و كان الثابت في الوقت ذاته أن هذا الحكم قد أعلن في بحر هذه المدة إلى المحكوم عليه في محله مخاطباً مع أخته التي تقيم معه في مسكن واحد ، فإن هذا الحكم لا يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط الدعوى العمومية ، و هي ثلاث سنوات ، بل يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة ، و هي خمس سنين ، محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد العادي المقرر للطعن في الحكم ، و ذلك إلى أن تحصل المعارضة فيه و يثبت المحكوم عليه للمحكمة عدم علمه به ، إذ علمه به يؤيده الظاهر المستفاد من حصول إعلانه في محله مما يجب معه افتراضه في حقه حتى يقيم الدليل على العكس ، و عندئذ تبعث الدعوى العمومية من جديد و يعود معها مضى المدة المقررة لسقوط الدعوى و ذلك بالنسبة إلى المستقبل فقط .

( الطعن رقم 656 لسنة 16 ق ، جلسة 1946/5/21 )

الحكم الثاني :-

لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلى أن الحكم الغيابي الاستئنافى صدر بتاريخ 27 من مايو سنة 1982 وأن المطعون ضده قرر بالطعن فيه بطريق المعارضة بتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1986 دون أن يتخذ قبله أي إجراء قاطع للتقادم ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده قد أعلن بالحكم الغيابي الإستئنافى المعارض فيه بتاريخ 14 من مايو 1985 مخاطبا مع شخصه ، وكان هذا الإعلان من إجراءات المحاكم القاطعة لمدة التقادم طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد تم قبل مضى المدة المسقطة للدعوى الجنائية بينه وبين الحكم المذكور ، ومن ثم فإن الدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة المسندة للمطعون ضده لم تنقض لمضى المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 15 من القانون المشار إليه ، لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، خطأ حجبه عن نظر موضوع الدعوى مما يتعين معه نقضه والإعادة ، وذلك بغير حاجة .إلى بحث الوجه الآخر من الطعن .

) الطعن رقم 13906 لسنة 59 ق جلسة 1992/2/6 س 43 ص 198 (

وقضت أيضا :-

الحكم الثالث :-

إذ كانت المادة (17) من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وذلك بالأمر الجنائي أو إجراءات الاستدلالات إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا اخطر بها بوجه رسمي. وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع ، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء ومفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبه المتهم ، وكان ما قامت به المحكمة من ندب خبير في الدعوى في الجلسة التي شهد وكيل المطعون ضدهما وفي مباشرة الخبير للمهمة التي ندبته المحكمة لأدائها وحضور أحد المطعون ضدهما بشخصه وحضور الأخر بوكيل عنه أمام الخبير هي جميعها من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة ، ذلك أن إجراءات المحاكمة التي عناها المشرع تشمل كل ما يتعلق بسير الدعوى أمام محكمه الموضوع ومنها إجراءات التحقيق الجنائي سواء باشرتها بنفسها أو باشرها أحد الخبراء يندب منها، ومن ثم فإن الجلسات التي يعقدها الخبير لمباشرة المهمة المندوب لها هي كغيرها من الإجراءات التي تباشرها المحكمة، وكانت مباشرتها لها ترسلها على الزمن الذي لم يبلغ غايته المسقطة للدعوى وقبل أن يمضي على آخر إجراء قامت به المدة المحددة للتقادم، الأمر الذي يجعل الدعوى ما تزال ماثلة في الأذهان ولم تندرج في حيز النسيان الذي جعله الشارع علة السقوط . (الطعن رقم 30531 لسنة 62 ق جلسة 8/1/2001)

خطأ محكمة النقض وتناقض أحكامها :-

ويوجد العديد من الأحكام الصادرة من محكمة النقض والمخالفة لتطبيق صحيح القانون والتي تجعل من الدعوي أمر مستمر حتى ولو صدر فيها حكم نهائي من محكمة الاستئناف , وتقرر تلك الأحكام مبدأ غير صحيح وباطل وهو أن الدعوي الجنائية تظل دعوي حتى ولو كانت مطعون عليها ومنظورة أمام محكمة النقض , وعلي سبيل المثال الأحكام الأتية :-

الحكم الرابع :-

” لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 15 من أكتوبر سنة 1988 بإدانة الطاعنين بجنحة شهادة الزور ، فقررت الطاعنة الأولى بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1988 وقدمت أسباب طعنها بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1988 ، كما قرر الطاعن الثاني بالطعن فيه في 15 من نوفمبر سنة 1988 وقدم أسباب طعنه في 19 من نوفمبر سنة 1988 ، ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أى إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام هذه المحكمة بجلسة اليوم 15 من مايو سنة 1996 ، وإذ كان البين من ذلك أنه قد انقضى على الدعوى من تاريخ إيداع أسباب الطعن مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة عملا بنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية
) المواد 15 ، 16 ، 17 إجراءات جنائية (
) الطعن رقم 29351 لسنة 59 ق جلسة 1996/5/15 س 47 ص 644 (
الحكم الخامس :-

لما كان الثابت أنه قد مضى ما يزيد على ثلاث سنوات ابتداء من جلسة الأول من ابريل سنة 1991 التي نظر فيها الطعن أمام محكمة النقض حتى نظرها بجلسة اليوم 27 من فبراير سنة 1995 وكان دون اتخاذ أي إجراء قاطع للمدة ، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة ، دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني المواد 15،17 ، 259 من قانون الإجراءات الجنائية .

) الطعن رقم 24414لسنة 59 ق جلسة 1995/2/27 س 46 ص 422 (
الحكم السادس :-

لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الثامن والعشرين من مارس سنة 1989 بإدانة الطاعن بجنحة دخول عقار في حيازة المدعى بالحقوق المدنية بقصد منع حيازته بالقوة وإلزامه بتعويض مدني . وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض وقدم أسباب طعنه في الثالث من مايو لسنة 1989 ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام محكمة النقض بجلسة الثالث عشر من ابريل سنة 1998 . وإذ كان يبين من ذلك أنه وقد انقضى على الدعوى من تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه الحاصل في الثالث من مايو سنة 1989 مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها إلا بمضي المدة المقررة لها في القانون المدني . ( المواد 15 ، 17 ، 2/259 من قانون الإجراءات الجنائية (
) الطعن رقم 44756 لسنة 59 ق جلسة 1998/4/13 س 49 ص 541 (

الحكم السابع :-

” إن توالي تأجيل نظر الطعن حتى جلسة……. لم يتخذ إجراء فيه إلى أن نظر جلسة اليوم……، وكان البين من ذلك أنه قد مضي بين هاتين الجلستين ما يزيد على مدة الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة بما في ذلك الشق الخاص بالتعويض باعتبار أن التعويض المنصوص عليه في القانون رقم 133 لسنة 1981 بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك هو عقوبة تكميلية تنطوي على عنصر التعويض ويسري في شأنها القواعد العامة في شأن العقوبات ولا تقوم إلا على الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن الحكم ببراءة المتهم أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يشمل حتماً عقوبة التعويض التكميلية. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة “.

( الطعن رقم 818 لسنة 63 ق جلسة 16/4/2002 ) .

الحكم الثامن :-

” لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه صدر في 2 فبراير 1991 وقررت الطاعنة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 10 من مارس سنة 1991 وقدمت أسباباً لطاعنها في ذات التاريخ ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن إلى أن تأشر بتاريخ 11 من سبتمبر 1999 لتحديد جلسة 17 من يناير 2000 لنظر الطعن، فانقضت بذلك مدة تزيد على الثلاث سنوات المقرر ـ بالمادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية ـ لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الدعوى ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وببراءة الطاعنة مما أسند إليها “. (الطعن رقم 7605 لسنة 61 ق جلسة 17/1/2000)

” الحكم التاسع :-

لما كان البين من مطالعة الأوراق أن المطعون ضده قد طعن بالنقض في الحكم الصادر في الجنحة الرقيمة ……… مستأنف دسوق وقضى في الطعن بجلسة 22 من فبراير سنة 1987 بعدم قبوله شكلاً ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنح وهى خمس سنوات على ما جرى به نص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية تبدأ من صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً في التاريخ المار بيانه وآية ذلك أن الدعوى الجنائية لا تنقضي إلا بالحكم الذي تستنفد طرق الطعن فيه، ومن ثم فمن غير المتصور أن تبدأ مدة تقادم العقوبة قبل انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها، ولما كانت هذه المدة لم تنقض بعد بين تاريخ صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً وبين الحكم المطعون فيه الصادر في الإشكال بتاريخ 19 من يونية سنة 1989 فإن الحكم الأخير إذ خالف هذا النظر وقضى بسقوط العقوبة بمضي المدة يكون قد أخطأ في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف تنفيذ العقوبة.

” الطعن رقم 62597 لسنــة 59 ق تاريخ الجلسة 4/ 3/ 1997مكتب فني 48 الجزء 1ص 276 ”

لقد جانب تلك الأحكام الصادرة من محكمة النقض الصواب للأسباب الآتية :-

1 :- أن تلك الأحكام قد تناست أن الأحكام تكون نهائية وواجبة النفاذ بصدور حكم من محكمة الجنح أو محكمة الاستئناف أو بفوات مواعيد الطعن العادية المقررة علية , وأن الحكم الصادر في موضوع الدعوي يكون منهي للخصومة الموضوعية , ولا يشترط أن يكون الحكم بات بفوات مواعيد الطعن بالنقض علية أو بصدور حكم في الطعن بالنقض .

إن محكمة النقض تحاكم الأحكام ولا علاقة لها بموضوع الدعوي الجنائية التي ينتهي الجدال والدفاع فيها بصدور حكم نهائي في موضوعها , ذلك لأن الدعوي الجنائية تظل دعوي أمام القضاء الموضوعي سواء أمام محكمة جنح أول أو المحكمة الأستئنافية وتنتهي الدعوي ويمتنع الحديث فيها بصدور حكم نهائي , وأن الطعن بالنقض لا يكون طعنا في موضوع الدعوي ولكنه طعنا علي الحكم النهائي الصادر في الدعوي الجنائية , وهذا الطعن علي الأحكام لا يوقف التنفيذ , فضلا عن أن محكمة النقض هي محكمة قانون ولا يجوز لها أن تتعرض لموضوع الدعوي .

وبالتالي فإن الدعوي الجنائية لا يجوز لمحكمة النقض أن تفصل في موضوعها حتى يقال أنه يجوز لمحكمة النقض أن تقضي بتقادم الدعوي الجنائية إذا لم تحدد جلسة لنظر الدعوي وظل الطعن دون أن تتخذ فية أي إجراءات في خلال ثلاث سنوات من تاريخ تقديمة .

وعلي هذا الأساس فان العبرة هي باعتبار الحكم نهائي , فإذا صار الحكم نهائي فإن الحكم لا يخضع إلا لمبدأ سقوط العقوبة وليس لمبدأ تقادم الدعوى والتي انتهت بصدور حكم نهائي يمتنع معه علي أي محكمة أخر أن تتصدي لنظر هذا الموضوع مرة أخري ولو كانت محكمة النقض التي يقتصر دورها علي مجرد بحث ومراقبة مدي تطبيق محكمة الاستئناف للقانون علي وقائع الدعوي القانوني .

مبدأ هام جدا :-

إذا صدر حكم غيابي وأعلن لشخص المتهم ولم يطعن لا بالمعارضة أو الاستئناف صار الحكم نهائي , ولا يجوز فتح باب الطعن للمتهم إلا إذا أثبت بالدليل أنه قد استحال علية أن يطعن علي الحكم بعد تسلمه الإعلان الغيابي لشخصه , وذلك لمرض أو عذر قهري طوال المدة ما بين استلامه الحكم وحتى التقرير بالطعن ولا يجوز أن يقبل طعنه إلا بدليل عذر ومن ثمة تقبل المحكمة عذر المتهم وتفتح باب الطعن له بشرط أن لا يؤثر ذلك علي ما سبق أن أكتسبه الحكم من حجية قانونية في المدة السابقة علي فتح باب الطعن , بمعني أنه لا يقبل أن يدفع المتهم بانقضاء الدعوي الجنائية إذا ما كان قد مضي علي الحكم أكثر من ثلاث سنوات وذلك لأن الحكم في الفترة السابقة علي قبول فتح باب الطعن من المحكمة , كانت تسري علية مدة سقوط العقوبة وليس مدة تقادم الدعوي .

وعلي هذا الرأي أكدت محكمة النقض في العديد من أحكامها بقولها :-

” لما كانت المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الثانية على أنه “وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين ” كما نصت المادة 529 من ذات القانون في فقرتها الأولى على أنه ” تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائياً ” وكان من المقرر أن الحكم الصادر في جنحة يعتبر نهائياً بفوات ميعاد الاستئناف ، لما كان ذلك ، وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ……. ــ بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ــ ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية.

“الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 07 / 2000 – مكتب فني 51 ص 533 ”

وقضت أيضا :-

وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الابتدائي قد صدر حضورياً في 17 من أبريل سنة 1988 و لم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن قانوناً في سائر الأحكام التي على شاكلته، و مدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون إذن مدة سقوط العقوبة ، و لا يمنع من ذلك أن الطاعن قد استأنفه بعد مضي ميعاد الاستئناف المعتاد ثم قبل استئنافه يناء على الأعذار القهرية التي تقدم بها و أثبتها للمحكمة الاستئنافية ، و مدة السقوط هذه قد استمرت حتى يوم 11 يوليو سنة 1991 تاريخ التقرير بالاستئناف ، و من هذا التاريخ فقط عادت مدة سقوط الدعوى العمومية، و لما كانت مدة سقوط العقوبة لم تنقض حتى تاريخ التقرير بالاستئناف لأنها بدأت يوم 28 أبريل سنة 1988 عقب اليوم العاشر من تاريخ صدور الحكم الحضوري الابتدائي ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً “. ( الطعن رقم 3991 لسنة 62 ق – جلسة 1/1/2002(

تلخيص وتأكيد علي مبدأ تحول الدعوي إلي سقوط العقوبة عند نهائية الحكم :-

لقد اقرت محكمة النقض في هذا الحكم والعديد من الأحكام الاخرى في هذا الشأن علي مبدأ هام وهو أن الدعوي الجنائية تنتهي بصدور حكم نهائي فيها وتتحول من كونها دعوي إلي كونها حكم جنائي , حيث أنها قد أعتبر الحكم الغيابي الصادر في جناية نهائي رغم كونه غيابي , وقررت أنه يخضع لمبدأ سقوط العقوبة وليس سقوط الدعوي الجنائية .

حيث قضت محكمة النقض بأنة :-

” لما كان قانون الإجراءات الجنائية فى الفصل الثالث من الباب الثالث من الكتاب الثانى الذى عنوانه فى الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى المتهمين الغائبين قد نص فى المادة 394 على أنه لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات فى جناية بمضى المدة ، و إنما تسقط العقوبة المحكوم بها و يصبح الحكم نهائياً بسقوطها ،، و نص فى المادة 395 على أنه ” إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة يبطل الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التضمينات و يعاد نظر الدعوى أمام المحكمة و نصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضى ثلاثين سنة . و واضح من هذا النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن الواقعة يعتبرها القانون جناية فإن الحكم الذى يصدر فيها غيابياً يجب أن يخضع لمدة السقوط المقرر للعقوبة فى مواد الجنايات و هى عشرين سنة لما كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المطعون ضده لارتكابه جنايات الاستيلاء على مال الدولة بغير حق و التزوير فى أوراق رسمية و استعمالها وقضى عليه من محكمة الجنايات غيابياً فى 1967/12/25 بحبسه سنة واحدة مع الشغل و تغريمه خمسمائة جنيه ، و إذ يتعين عليه انقضاء عشرين سنه من التاريخ المذكور فإنه كان يتعين إعادة محاكمته من جديد و لو كانت المدة اللازمة لسقوط الدعوى الجنائية قد انقضت إذ لا عبرة بها فى هذا المقام و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه .

) الطعن رقم 282 لسنــة 57 ق تاريخ الجلسة 19 / 5/ 1987 – مكتب فني 38 – رقم الجزء 1 )

مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابياً، يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرون سنة، وذلك بغض النظر عما إذا كانت العقوبة المقضي بها هي عقوبة جناية أو عقوبة جنحة. وإذن فمتى كانت الدعوى العمومية قد رفعت على المطعون ضدها لارتكابها جناية اشتراك في تزوير ورقتين رسميتين وقضت محكمة الجنايات غيابياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1940 بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر، ولما قبض عليها أعيدت محاكمتها فقضت محكمة الجنايات بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1952 بانقضاء الدعوى العمومية لسقوطها بمضي المدة، متى كانت ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون.

(نقض 9/7/1952 مجموعة أحكام النقض المدنية س 4 ص 1160)

(نقض 22/4/1973 مجموعة القواعد القانونية س 24 ص 538)

الأمر الذي يؤكد صحة ما نقول به من أن الحكم النهائي الصادر في جنحة تسري علية مدة سقوط العقوبة وليس انقضاء الدعوي الجنائية , لأن الحكم النهائي مانع من بحث موضوع الدعوي الجنائية , حتى ولو طعن علية بالنقض .

المستفاد من ذلك :-

إذا كانت المادة 528 أ . ج وما استقرت علية أحكام النقض والتي أعطت للحكمة الغيابي الصادر في جناية حجية ومنحته نهائية تتحول بها الدعوي الجنائية من كونها مجرد دعوي يسري عليها تقادم الدعوي الجنائية وجعلته يخضع لمبدأ سقوط العقوبة ختى ولو تمت أعادة الأجراءات في هذا الحكم ونظرتة مرة أخري محكمة الجنايات .

فكيف لمحكمة النقض أن تحديد عن هذا المبدأ وتقول بأن الدعوي الجنائية لا تزال دعوي حتى ولو صدر فيها حكم نهائي واجب النفاذ ولا يسري عليها مبدأ سقوط العقوبة إلا من تاريخ سريان الحكم بات غير قابل للطعن علية بالنقض .

نخلص من كل ذلك إلى أن العديد من أحكام النقض قد صدرت متضاربة في شان الحكم بالتقادم في الدعوى الجنائية ومتى يجب الحكم ومتى يكون الحكم بسقوط العقوبة هو الواجب التطبيق على النحو سالف البيان , الأمر الذي يجب معه على محكمة النقض أن تضع تعريفا صحيحا ومبدأ موحد لتعريف الفارق بين تقادم الدعوى الجنائية وسقوط العقوبة !!!!! .

2:- ومما يؤكد صحة هذا الأمر أن محكمة أول درجة عندما تقضى حضوريا ضد المتهم يكون الحكم وأجب النفاذ باعتباره حكم نهائي لة حجيته القانونية وأنة يتم فرض كفالة لوقف تنفيذ الحكم لحين النظر في الاستئناف إذا تم في الميعاد فان هذا الأمر من وجوب الكفالة وكون الحكم قد صار وأجب النفاذ وان فرض كفالة هو لتأجيل تنفيذ الحكم مؤقتا لحين البت في الاستئناف مما لا يجوز معه الأخذ بنظام تقادم الدعوى الجنائية بعد أن صار الحكم فيها وأجب النفاذ وأصبح الحكم نهائي فلا يجوز الأخذ بنظام تقادم الدعوى الجنائية ولكن يجب أن تخضع الدعوى لنظام تقادم الحكم الجنائي الصادر فيها نهائي .

3:- كما أن محكمة النقض قد أقرت في العديد من الأحكام أن الحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية يكون سببا في بدأ سريان سقوط العقوبة وليس تقادم الدعوى , وتلك الأحكام تتعارض مع ما سبق صدوره من أحكام تقضى بما يخالف تلك المبادئ كما هو موضح بالحكم الأتي :-

” لما كانت المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الثانية على أنه “وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين” كما نصت المادة 529 من ذات القانون في فقرتها الأولى على أنه ” تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائياً ” وكان من المقرر أن الحكم الصادر في جنحة يعتبر نهائياً بفوات ميعاد الاستئناف ، لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ ……. – بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ــ ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية .

“الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 07 / 2000 – مكتب فني 51 ص 533 ”

· ثابت في هذا الحكم الصادر من محكمة النقض أنة قد أكد على أن الحكم النهائي هو الذي تبدأ معه مدة سقوط العقوبة وليس الحكم البات , علي خلاف ما هو وأرد في العديد من الأحكام الصادرة من محكمة النقض والتي صدرت مخالفة لتطبيق صحيح القانون .

4 :- أن القول بأن الحكم النهائي يكون مازال مجال الطعن علية بالنقض غير منهي للخصومة الموضوعية إذا طعن علية بالنقض , ويجوز أن يقضي في الدعوي المطعون عليها بالنقض إذا لم يتم نظرها في خلال ثلاث سنوات أمام محكمة النقض بتقادم الدعوي الجنائية وهو ما يعني أن الدعوي الجنائية مازالت مطروحة أمام قضاء النقض من حيث موضوعها لا من حيث حكمها , وأن الحكم المطعون علية غير نهائي وغير منهي للخصومة الجنائية وغير مانع للنظر في موضوعها .

فإن هذا الأمر من محكمة النقض وما صدر منها من أحكام في هذا الشأن يتعارض مع نص المادة 460 أ . ج والتي تنص علي أنه ” لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية ، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك ” .

إن النهائية للحكم الجنائي تستوجب تنفيذ العقوبة المضي بها , فتصبح الدعوي الجنائية مجرد عقوبة واجبة التنفيذ وتستنفذ المحاكم جميعها ولايتها علي الدعوي الجنائية بنهائية الحكم ولا يحق لمحكمة النقض أن تنظر إلي الدعوي الجنائية وما يتعلق بها من دفاع أو دفوع لكونها أصبحت حكم نهائي له حجيته القانونية .

كما يتناقض هذه القول مع صحيح نص المادة 467 أ . ج والتي تنص علي أنه ” يجوز تنفيذ الحكم الغيابي بالعقوبة إذا لم يعارض فيه المحكوم عليه في الميعاد المبين بالفقرة الأولي من المادة 398 .

وللمحكمة عند الحكم بالتضمينات للمدعى بالحقوق المدنية أن تأمر بالتنفيذ المؤقت مع تقديم كفالة ولو مع حصول المعارضة أو الاستئناف بالنسبة لكل المبلغ المحكوم به أو بعضه ولها أن تعفي المحكوم له من الكفالة .

وتلك المادة هي الأخرى تؤكد علي أن الحكم يكون نهائي وأجب النفاذ إذا لم يعارض فيه المتهم في الميعاد رغم إعلانه لشخصه , وعلي ذلك تكون الأحكام الصادرة من محكمة النقض بسقوط الدعوي الجنائية أمام محكمة النقض إذا مرت ثلاث سنوات علي عدم تحديد جلسة ونظر الطعن علي الحكم المطعون علية .

هام جدا :-

أمر هام يجب توضيحه وهو أن محكمة جنح أول درجة أذا قبلت المعارضة رغم صيرورة الحكم نهائي لإعلانه وعدم المعارضة فيه في الميعاد أو أن محكمة الجنح المستانفة قد قبلت الاستئناف الذي قام بة المتهم بعد الميعاد وكل ذلك لقيام المتهم بتقديم دليل عزر على عدم قيامة بالطعن بالمعارضة أو الاستئناف أو المعارضة الأستئنافية في الميعاد .

فان قبول المحكمة الطعن لا ينال من الحجية التي كان قد أكتسبها الحكم لكونه قد صار حكما نهائيا وأن المحكمة قد قبلت فتح باب الطعن علية وبالتالي لا يجوز للمتهم أن يطعن على الحكم بتقادم الدعوى الجنائية بعد أن أكتسب الحكم حجيته في المدة السابقة علي قبول محكمة الاستئناف فتح باب الطعن للمتهم علي الحكم

ذلك لان قبول الطعن على الحكم لا يجوز لأي محكمة أن تهدر ما كان قد أكتسبه هذا الحكم من حجية ونهائية فيما يتعلق بالمدة السابقة على قبول الطعن شكلا وقبول المحكمة لعذر المتهم في التخلف على الطعن على الحكم في الميعاد , لان المحكمة ليس من حقها أن تمحوا الآثار القانونية والحجية النهائية التي أنزلها القانون على الأحكام النهائية والتي كانت تلك الأحكام قد اكتسبتها بسبب فوات مواعيد الطعن على تلك الأحكام .

هذا وأن كل ما يمكن أن يحدث هو أنة وبعد قبول المحكمة الطعن شكلا أن تقضى في الدعوى دون المساس بالمراكز القانونية التي قد اكتسبتها الأحكام من حجية مؤقتة ذلك لان قبول المحكمة للعذر في التخلف عن الطعن على الأحكام هو طريق استثنائي حتى ولو كان عرف القضاء يأخذ به في كل الجنح لفتح باب الطعن على الأحكام الجنائية .

لذلك فان المحكمة إذا قبلت الاستئناف في الحكم بعد صدور حكم حضوري من محكمة أول درجة ومضى على هذا الحكم أربعة سنوات فان المحكمة لا يجوز لها أن تقضى في الاستئناف بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بمضي ثلاث سنوات لأنها لا تملك أن تزيل ما كان للحكم من حجية نهائية لمجرد كونها قد قبلت الطعن على الحكم بالاستئناف , ذلك لان قبول الاستئناف في الحكم بعد الميعاد هو مجرد وقف لسير سقوط العقوبة وقاطع لتقادم العقوبة وليس تقاطع لتقادم الدعوى , بمعنى أن قبول الاستئناف شكلا في الحكم هو أجراء تقوم بة المحكمة لتقطع بة وتوقف به إجراءات تنفيذ الحكم على المتهم لكونه قد صار حكم نهائي وأجب النفاذ وأن تمكين المتهم من الطعن على الحكم النهائي هو فقط لتمكين المتهم من نظر طعنة على الحكم النهائي بشرط أن يقدم أسباب صائغة لقبول أسباب طعنة على الحكم بعد فوات مواعيد الطعن علية قانونا , هذا وأنة وبعد قبول المحكمة للاستئناف وفتح باب نظر الدعوي الجنائية للمتهم من جديد فأنة تبدأ مرة أخرى سريان مدة تقادم الدعوى من جديد على الدعوى إلى حين صدور حكم نهائي فيها , فإذا أنقضت مدة أكثر من ثلاث سنوات على الاستئناف بعد قبوله شكلا دون أن يتخذ فيه أجراء قاطع لتلك المدة فأنها تسقط تلك الدعوى بمضي المدة المقررة بتقادم الدعوى ثلاث سنوات .

وقد قررت محكمة النقض بهذا المبدأ في العديد من أحكامها بقولها :-

” وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ……. ــ بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ــ ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف ، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية.

“الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 7 / 2000 – مكتب فني 51 ص 533 “

هام :- إن الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الاستئناف تخضع جميعها لمبدأ سقوط العقوبة حتى ولو طعن عليها بالنقض , لكون الطعن يكون منصبا علي الحكم لا علي موضوع الدعوي , ولان النقض لا يوقف تنفيذ الحكم وبالتالي لا عبرة هنا لموضوع الدعوى , والعبرة في هذا الشأن لسقوط العقوبة لكون الدعوى قد انتهت وصار الحكم هو الباقي وهو عنوان الحقيقة وواجب النفاذ .

وعلى سبيل الفرض أذا اعتبرنا أن الحكم الذي أقرت فيه محكمة النقض بان سقوط العقوبة لا يكون إلا للأحكام الباتة ورغم خطأ هذا الحكم , إلا أنة ببحث هذا الحكم نجد أنة مخالف لتطبيق صحيح القانون من ناحية أخري , حيث أنة لم يقرر التعريف الصحيح للحكم البات وقد أعتبر أن الحكم البات هو الذي يستنفذ طرق الطعن المقررة قانونا حتى النقض فقط .

وهذا المبدأ أو التعريف لكون الحكم قد صار باتا هو تعريف خاطئ ذلك لان الحكم البات ليس فقط الذي أستنفذ كافة طرق الطعن علية العادية وغير العادية ولكن الحكم يكون باتا أيضا بفوات مواعيد طرق الطعن علية سواء الطرق العادية أو غير العادية .

وهذا يعنى أن الحكم يكون باتا في حالتين :-

الأولي :- أن يتم الطعن على الحكم بالطرق العادية وهى المعارضة والاستئناف , وبالطرق الغير عادية التماس أعادة النظر أو الطعن بالنقض , وعلى ذلك يكون الحكم قد صار باتا.

الثانية :- إذا لم يتم الطعن على الحكم في المواعيد القانونية يصير الحكم نهائي بانتهاء مواعيد الطعن العادية علية , فإذا صدر حكم غيابي وأعلن قانونا إلى المتهم لشخصه أو في محل أقامته بشرط علم المتهم به , يكون هذا الحكم نهائي , أو أذا صدر حكم من محكمة أول درجة حضوري ولم يستأنف في الميعاد , وبعد فوات مواعيد الاستئناف وهى عشر أيام التالية للإعلان للحكم الغيابي أو للحكم الحضوري ويكون باتا بعد فوات مواعيد النقض وهى 60 يوما من تاريخ انتهاء مواعيد الاستئناف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى