“لحظة سكون” لشيرين فكري.. المحب مسؤول عن عذابه!

كتب / عمرو الأمير

هذا مقالي الثالث عن إبداعات شيرين فكري القصصية والروائية، فمن يقرأ لهذه الكاتبة يجد نضجًا في الأفكار، ورُقيًّا في المشاعر، وقدرة بارعة على تصوير دخائل النفوس.

وحديثي القليل هنا عن مجموعتها القصصية «لحظة سكون» الصادرة عن مؤسسة عابر الثقافية بالقاهرة، وتعرض في صالة 2 جناح دار عابر C6. وهي المكونة من 7 قصص: «متاهة الروح»، «ليلة الزفاف»، «صحوة الروح»، «أحلام الظلام»، «أكسجين»، «الوهم» ،«لحظة سكون».

إنها قصص تجول تسحب مشاعر القارئ وتذهب به في عوالم النفس الخفية، وتظهر ما يخفى علينا من بواطن نفوس تعاني ولا تُظهر، وتُخفي ولا تُظهر، ظهرت من خلالها قدرة الكاتبة على استعمال الأساليب فنية المتميزة والتعبيرات المؤثرة.

ولنبدأ بقصة «متاهة الروح»؛ وبطلتها «منار» التي تزوجت رجلا لا تحبه، بضغط من أهلها، بعد اختفاء مفاجئ لحبيبها السابق «مصطفى»، الذي سار في طريق الشيطان وأخذ يعقد صفقات مشبوهة في تجارة الأعضاء، فانتهى الأمر به إلى فقدان حبيبته ومأساة في ذاكرته، ويعترف لحبيبته منار بقوله: “لقد ندمت على ما ارتكبتُه، فما ترينه أمامك الآن هو عقاب إلهي لما فعلتُه”. وقد نجحت شيرين في رسم صورة للأحداث المأساوية، وكشفت عن نفسية أبطال القصة مثل «منار» التي عاشت معذَّبة مع ذكرى حبيب مفقود، وعلاقة زوجية لم تكن ترغب فيها من الأساس، مستخدمة أسلوبها الأدبي المتميز في وصف مآسي النفوس: «هكذا سوف تظل أرواحنا تائهة بين القلب والعقل كما بين السماء والأرض، كلما تمر في حياتنا الكثير من المواقف واللحظات، تغلبنا وتهز كياننا حين يغيب عنها أشخاص كانوا يسكنونها، فإذا كان العقل يستطيع أن يحسم قراره، فلا يتمكن القلب من أن ينساهم بسرعة، إلا إذا فقدنا إحساسنا بالحنين تجاههم، أو إذا جعلونا بأفعالهم تنطفئ نيران أشواقنا إليهم، فالقدر هو صاحب القرار، هو الفيصل في ذلك سواء شئنا أم أبينا. سبحانه من جعل أعضاءنا تتصارع خفية ويغلبها التفكير في شيء يحيرها دون أن تتلامس!”.

وإلى قصة «أحلام الظلام» التي تُصور ما يترتب على الاختيار الخاطئ في الزواج، فالمرء مسؤول عن اختياره، وعليه أن يتحمل وزر نفسه إن لم يستمع إلى النصيحة، وقد دفعت «حياة» بطلة القصة ثمن غلطتها، وفي ذلك يقول «توفيق عاشور» أحد أبطال القصة: “سبحان الله! مهما عارضنا أهلنا في رأيهم في ناس معينة في حياتنا، مع الوقت كلامهم همَّ اللي بيطلع صح، وبترجع تدي نفسك 100 جزمة إنك ماسمعتش كلامهم من الأول”.

وتقول حياة نادمة على ما بدر منها: “الإنسان يتغير لسببين؛ حينما يتعلم أكثر مما يريد، أو حينما يتأذى أكثر مما يستحق، مقولة قرأتها يوما ولم أستوعب معناها إلا الآن”.

أما قصة «صحوة الروح» فقد نجحت الكاتبة في رسم صورة للشخصية النرجسية المتمثلة في «صافي»، وكشفت مكنونات تفكيرها، إنها امرأة لا تعرف إلى مصالحها الشخصية، ومسيطرة على حد أن زوجها «مصطفى طلبة» لا يقوى على مخالفتها، فتسببت في تعاسة لزوجها وابنتها «هدير» بطلة القصة وضحية هذه الأم المتغطرسة. وقد وصفها المؤلفة وصفا عميقا يبيّن العقد النفسية التي حولتها لهذه الشخصية السيئة.

ورغم شخصية صافي الصارمة وأنانيتها، فإنها تظهر بمظهر المرأة المتغنجة مع عشيقها «نبيل الشافعي» الذي أغوته طمعا في ثروته، إنها شخصية متقلبة ولعوب بحسب مصلحتها الشخصية.

ويطول الأمر إن تناولنا القصص السبع بالتفصيل، وإنما أشرنا إلى بعض ما في جماليات القصص.

وإن أبرع ما في الكاتبة شيرين فكري قدرتها على تصوير الشخصيات، والكشف عن دخائل النفوس والأسباب الخفية الكامنة وراء تصرفات أبطال قصصها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى